فتوح البلدان (صفحة 126)

وقد فتح هَذَا كله فكان أمير الناس حين فتحت دمشق إلا أن الصلح كان لخالد وأجاز صلحه، وتوجه يزيد بْن أَبِي سُفْيَان في ولاية أَبِي عُبَيْدة ففتح عرندل صلحا وغلب عَلَى أرض الشراة وجبالها، قال: وقال سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيزِ:

أَخْبَرَنِي الوضين أن يزيد أتى بعد فتح مدينة دمشق صيدا وعرقة وجبيل وبيروت وهي سواحل، وعلى مقدمته أخوه معاوية ففتحها فتحا يسير وجلا كثيرا من أهلها وتولى فتح عرقة معاوية نفسه في ولاية يزيد، ثُمّ أن الروم غلبوا عَلَى بعض هَذِهِ السواحل في آخر خلافة عُمَر بْن الخطاب أو أول خلافة عُثْمَان بْن عَفَّان فقصد لهم معاوية حَتَّى فتحها ثُمَّ رمها وشحنها بالمقاتلة وأعطاهم القطائع، قَالُوا: فلما استخلف عُثْمَان وولى معاوية الشام وجه معاوية سُفْيَان بْن مجيب الأزدي إِلَى طرابلس، وهي ثلاثة مدن مجتمعة فبنى في مرج عَلَى أميال منها حصنا سمي حصن سُفْيَان وقطع المادة عن أهلها منَ البحر وغيره وحاصرهم فلما اشتد عليهم الحصار اجتمعوا في أحد الحصون الثلاثة وكتبوا إِلَى ملك الروم يسألونه أن يمدهم أو يبعث إليهم بمراكب يهربون فيها إِلَى ما قبله فوجه إليهم بمراكب كثيرة فركبوها ليلا وهربوا، فلما أصبح سُفْيَان، وكان يبيت كل ليلة في حصنه ويحصن المسلمين فيه ثُمَّ يغدو عَلَى العدو وجد الحصن الَّذِي كانوا فيه خاليا فدخله وكتب بالفتح إِلَى معاوية فأسكنه معاوية جماعة كبيرة منَ اليهود، وهو الَّذِي فيه الميناء اليوم، ثُمّ أن عَبْد الملك بناه بعد وحصنه، قَالُوا: وكان معاوية يوجه في كل عام إِلَى طرابلس جماعة كثيفة منَ الجند يشحنها بهم ويوليها عاملا فإذا انغلق البحر قفل وبقي العامل في جمعية منهم يسيرة فلم يزل الأمر فيها جاريا عَلَى ذلك حَتَّى ولى عَبْد الملك فقدم في أيامه بطريق من بطارقة الروم ومعه بشر منهم كثير فسأل أن يعطى الأمان عَلَى أن يقيم بها ويؤدي الخراج فأجيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015