فإذا أتى سلم عَلَيْهِ وحادثه، فقال له ذات يوم: يا أَبَا سُلَيْمَان إن أمركم مقبل ولى عليك عده فصالحني عن هَذِهِ المدينة فدعا خَالِد بدواة وقرطاس فكتب.
بسم اللَّه الرَّحْمَنِ الرحيم: هَذَا ما أعطى خَالِد بْن الوليد أهل دمشق إذا دخلها أعطاهم أمانا عَلَى أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم لا يهدم ولا يسكن شيء من دورهم، لهم بذلك عهد اللَّه وذمة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخلفاء والْمُؤْمِنِين لا يعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية.
ثُمَّ أن بعض أصحاب الأسقف أتى خالدا في ليلة منَ الليالي فأعلمه أنها ليلة عيد لأهل المدينة وأنهم في شغل وأن الباب الشرقي قَدْ ردم بالحجارة وترك وأشار عَلَيْهِ أن يلتمس سلما، فأتاه قوم من أهل الدير الَّذِي عند عسكره بسلمين فرقى جماعة منَ المسلمين عليهما إِلَى أعلى السور ونزلوا إِلَى الباب وليس عَلَيْهِ إلا رجل أو رجلان فتعاونوا عَلَيْهِ وفتحوه وذلك عند طلوع الشمس، وقد كان أَبُو عُبَيْدة بْن الجراح عاني فتح باب الجابية وأصعد جماعة منَ المسلمين عَلَى حائطه فأنصب مقاتلة الروم إِلَى ناحيته فقاتلوا المسلمين قتالا شديدا، ثُمَّ أنهم ولوا مدبرين، وفتح أَبُو عُبَيْدة والمسلمون معه باب الجابية عنوة ودخلوا منه، فالتقى أَبُو عُبَيْدة وخالد بْن الوليد بالمقسلاط، وهو موضع النحاسين بدمشق، وهو البريص الَّذِي ذكره حسان بْن ثابت في شعره حين يقول:
يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل
وقد روى أن الروم أخرجوا ميتا لهم من باب الجابية ليلا وقد أحاط بجنازته خلق من شجعانهم وكماتهم وأنصب سائرهم إِلَى الباب فوقفوا عَلَيْهِ ليمنعوا المسلمين من فتحه ودخوله إِلَى رجوع أصحابهم من دفن الميت وطمعوا في غفلة المسلمين عنهم وأن المسلمين نذروا بهم فقاتلوهم عَلَى الباب أشد قتال