فتوح البلدان (صفحة 107)

بمعاوية زياد، فلما فرغ من أمرهما ولاه صنعاء وأعمالها، وكان الأسود متجبرا فاستذل الأبناء، وهم أولاد أهل فارس الَّذِينَ وجههم. كسرى إِلَى اليمن مع ابْن ذي يزن وعليهم وهرز واستخدمهم فأضر بهم، وتزوج المرزبانة امرأة باذام ملكهم وعامل أبرويز عليهم فوجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيس بْن هبيرة المكشوح المرادي لقتاله، وإنما سمى المكشوح لأنه كوى عَلَى كشحه من داء كان به، وأمره باستمالة الأبناء وبعث معه فروة بْن مسيك المرادي، فلما صار إِلَى اليمن بلغتهما وفاة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأظهر قيس للأسود أنه عَلَى رأيه حَتَّى خلى بينه وبين دخول صنعاء فدخلها في جماعة من مذحج وهمدان وغيرهم ثُمَّ استمال فيروز بْن الديلمي أحد الأبناء، وكان فيروز قَدْ أسلم ثُمَّ أتيا باذام رأس الأبناء، ويقال:

أن باذام قَدْ كان مات ورأس الأبناء بعده خليفة له يسمى داذويه، وذلك أثبت فأسلم داذويه ولقي قيس ثات بْن ذى الحرة الحميري فاستماله وبث داذويه دعاته في الأبناء فأسلموا، فتطابق هؤلاء جميعًا عَلَى قتل الأسود واغتياله ودسوا إِلَى المرزبانة امرأته من أعلمها الَّذِي هم عَلَيْهِ وكانت شانئة له فدلتهم عَلَى جدول يدخل إليه منه فدخلوا سحرا ويقال: بل نقبوا جدار بيته بالخل نقبا ثُمَّ دخلوا عَلَيْهِ في السحر وهو سكران نائم فذبحه قيس ذبحا فجعل يخور خوار الثور حَتَّى أفزع ذلك حرسه، فقالوا: ما شأن رحمان اليمن فبدرت امرأته فقالت: إن الوحي ينزل عَلَيْهِ فسكنوا وأمسكوا واحتز قيس رأسه ثُمَّ علا سور المدينة حين أصبح فقال: اللَّه أكبر اللَّه أكبر أشهد أن لا إلا اللَّه وأشهد أن محمدا رَسُول اللَّهِ وأن الأسود كذاب عدو اللَّه، فاجتمع أصحاب الأسود فألقى إليهم رأسه فتفرقوا إلا قليلا، وخرج أصحاب قيس ففتحوا الباب ووضعوا في بقية أصحاب العنسي السيف فلم ينجح إلا من أسلم منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015