لَمَّا أنهى الكلام على المنصوبات شرع في القسم الثالث، وهو المخفوضات؛ لأن التقسيم عندهم ثلاثي، المرفوعات، ثم المنصوبات، ثم المخفوضات، وقدَّموا المرفوعات لأنَّ منها ما هو عمدة كالمبتدأ، والخبر، والفاعل، ونائبه، ثم المنصوبات لأنَّ منها ما يكون منصوبًا بالفعل، والفعل هو الأصل في العمل بخلاف المخفوض وهو الأخير لأنه لا يكون أثرًا للفعل.
قوله: [مِنَ الأَسْمَاءِ] هل هو قيد للاحتراز عن الأفعال والحروف أو لبيان الواقع؟ نقول: لبيان الواقع لأنَّ الخفض لا يدخل الأفعال ولا يدخل الحروف، قوله: [المَخْفُوضَاتُ مِنَ الأَسْمَاءِ] أخرج المرفوعات، والمنصوبات من الأسماء، هذا محتمل، ولكن الظاهر أنه ليس للاحتراز لأنَّ الطالب سيدرس أوَّلاً المرفوعات ثم يتلوها المنصوبات ثم إذا جاء عند المخفوضات يعلم أنه ليس احترازًا عن المرفوعات والمنصوبات.
[المَخْفُوضَاتُ مِنَ الأَسْمَاءِ] المخفوضات جمع مخفوضة أو مخفوض، والمخفوض من الاسم هو ما اشتمل على علامة الخفض وهو الكسرة أو ما ناب عنها. فنحو: مررت بزيدٍ، فزيدٍ: اسم مخفوض لأنه اشتمل على الكسرة، ونحو: مررت بالزيدين، فالزيدين اسم مخفوض لأنه اشتمل على علامة الخفض وهي الياء النائبة عن الكسرة وهلم جرا.