أي هذا باب بيان حقيقة المنادى، وإن كان المنادى في الأصل من باب المفعول به، ولذلك ابن هشام ـ رحمه الله ـ لما ذكر المفعول به في (قطر الندى) قال: ومنه المنادى، ومنه أي من المفعول به، فأصل المنادى أنه مفعول به، لأن قولك: يا زيدُ، أصله: أدعو زيدًا، حُذِفَ الفعل أدعو، وأُنيب مُنابه يا وهي حرف نداء، ثم بُني بعد ذلك، ولذلك نقول في إعراب: يا زيدُ، يا حرف نداء، وزيدُ منادى مبني على الضم في محل نصب، لأن أصله المفعول به. إذًا المنادى جزء من المفعول به، ولذلك بعضهم لا يذكره استقلالاً.
وسبق أن بعض النحاة يرى أنَّ المنادى: يا زيدُ، مما تألف الكلام فيه من اسم وحرف، وهذا منسوب لأبي علي الفارسي، لأنه كما سبق أن الكلام مُرَّكب إما من اسم وفعل، أو من اسمين، هذا أقل ما يتركب منه الكلام، من اسمين أو اسم وفعل، ولا يتركب من فعلين، ولا من حرفين، وهذا متفق عليه، ولا من حرف وفعل على الصحيح، ولا من حرف واسم كذلك، وأبوعلي الفارسي استثنى باب المنادى على جهة الخصوص، وقال: قد يتركب الاسم والحرف فيكون كلاماً مفيداً تاماً، ولا نفتقر هنا إلى مسند ومسند إليه، لأن قولك: يا زيدُ، أفاد فائدة تامة، وإذا أفاد فائدة تامة حينئذٍ يستلزم التركيب المعتبر في حد الكلام، فإذا وجدت الفائدة التامة حينئذٍ