أي هذا باب بيان لا النافية للجنس، والمراد به اسم لا أي باب بيان اسم لا، لأنَّ اسم لا هو الذي يكون منصوباً لفظاً أو محلاً، وأما الخبر فهو مرفوع، لأنه في مقام تعداد المنصوبات، والمراد هنا بلا النافية للجنس، وتُسمَّى لا التبرئة أي تبرئة الجنس من الخبر، يقال برَّأتُه أُبَرِّؤُه إذا نفيت عنه حكم الخبر، وحينئذٍ تكون لا هذه نافية لاسمها نحو: لا رجلَ، وهي ليست نافية للرجل نفسه وإنما نافية للخبر الذي وصف به الرجل، فنحو: لا رجل في الدار، يعني لا وجود للرجل في الدار، ولذلك قال النحاة: لا رجل في الدار دلت لا على نفي الكينونة في الدار عن جنس الرجل لا على نفي الرجل، لأن الرجل ذات، والذوات الأصل فيها أنها لا تنفى، وإنما ينفى حكم الذات، وحكمُ الذات معنىً من المعاني، والمراد حينئذٍ بلا النافية للجنس لا الدالةُ على التنصيص على سبيل الاستغراق، لأنَّ لا تحتمل أنها دالة على نفي الوحدة مع احتمال نفي الجنس، وقد تكون دالة على التنصيص على نفي الجنس، فإذا قلت: لا رجلٌ في الدار، فهذه لا التي تعمل عمل ليس، وهي نافية، ولكن النفي هنا يحتمل أنه نفي للوحدة فحينئذٍ يصح أن تقول: لا رجلٌ بل رجلان أو بل رجال، ويحتمل أنه نفي للجنس، أي جنس الرجل ليس موجوداً في الدار، وحينئذ لا يصح أن تقول: لا رجلٌ في الدار بل رجلان أو بل رجال، لأنك نفيت جنس الرجال، حقيقة الرجل