وأنه لا يكون إلا منفياً، فما حكمه؟

قال: [فَأَعْرِبْهُ] وهذا أمر وهو للوجوب [عَلَى حَسَبِ مَا يَجِيءُ فِيهِ العَمَلاَ] أي يُعطَى ما يستحقه - أي المستثنى الذي يقع بعد إلا- يُعطَى ما يستحقه لولم توجد إلاَّ، فإذا قال: ما قام إلاَّ زيدٌ، نقول: هذا استثناء مفرَّغ لعدم ذكر المستثنى منه، فننظر لما بعد إلاَّ كأنها لم توجد في الكلام، فتعربه فاعلا، فتقول: ما قام إلا زيدٌ، ما حرف نفي، وقام فعل ماض، وإلا حرف استثناء ملغاة، وزيدٌ فاعل، إذاً ما بعد إلاَّ تعربه كما لو لم تكن إلا موجودة, ولذلك سمي مفرغاً لأن ما قبل إلاَّ قد تفرغ لطلب ما بعدها. [فَأَعْرِبْهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِيءُ فِيهِ العَمَلاَ] أي على حسب ما يطلبه العامل، إنْ طَلبه فاعلاً رَفعَه على الفاعلية، وإنْ طلبه مفعولاً به نصَبه على المفعولية، وإنْ طلبه مجروراً بحرف جر جُرَّ بحرف الجر، وسيمثل لها كلها، والاستثناء حينئذٍ يكون من لفظٍ عامٍ محذوف يعني لا بُدَّ من تقديره، وهذا مما يذكره النحاة من المواضع التي يجب فيها حذف الفاعل، فنحو: ما قام إلاَّ زيدٌ، من جهة المعنى لا بد من مراعاة الاستثناء؛ لأن إلاَّ أُلغيت من جهة العمل، وعندما نقول: إلاَّ ملغاة، إنما ألغيت من جهة العمل وأما من جهة المعنى فلا بُدَّ أن يكون للاستثناء أثر، فإذا قيل: ما قام إلاَّ زيدٌ، تقديره ما قام أحد إلا زيدٌ، فأحد هذا هو المستثنى منه المحذوف.

كَمَا هَدَى إِلاَّ مُحَمَّدٌ وَمَا ... عَبَدتُّ إِلاَّ اللهَ فَاطِرَ السَّمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015