ومثال النهي قوله تعالى: (((وَلَايَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ (81))) [هود:81] ولا يلتفت هذا نهي، وقوله: إلا امرأتك قُرئ بالوجهين، قرأ أبو عمرو وابن كثير بالرفع على الإبدال من أحد إلا امرأتُك، وقرأ الباقون بالنصب على الاستثناء ويحتمل وجهين: إما أن يكون مستثنى من أهلك في أول الآيات قوله (((فَأسْرِ بأهلك بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ (81))) [هود:81] فيكون النصب واجباً، لأنه كلام تام موجب وذُكر المستثنى منه فحينئذٍ يجب النصب.
وإما أن يكون مستثنى من أحد فيكون جائز النصب، وقرأ الأكثر على الوجه المرجوح، لأن القرآءة سنة متبعة، ومرجعها الرواية لا الرأي. فيكون النصب جائزا لا واجباً.
ومثال الاستفهام قوله تعالى: (ومن يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56))) [الحجر:56] ومَن استفهام، وقوله: إلا الضالون استثناء، من حيث اللغة يجوز الوجهان: إلا الضالون، وإلا الضالين لأنه استثناء بإلا والكلام تام ولكنه غير موجب لسبْقه بالاستفهام. ومن يقنط الفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وهو المستثنى منه، فهو مذكور في الكلام، إلا الضالون هذا مستثنى من الفاعل المستتر، فيجوز فيه الرفع على البدلية، ويجوز فيه النصب على الاستثناء، والقراءة سنة متَّبعة.