مستثنى منصوب بإلا ونصبه فتحة ظاهرة على آخره.
الثاني: وهو مذهب كثير من النحاة المتأخرين أنه منصوب بالفعل الذي قبله بواسطة إلاَّ، فتقول: قام القوم إلا زيداً، زيداً منصوب على الاستثناء والعامل فيه الفعل المتقدم، حينئذٍ نقول قام القوم قام فعل لازمٌ ولا ينصب مفعولاً به، وهل نقول: الفعل اللازم لا ينصب مطلقاً أو لا ينصب مفعولاً به؟ الجواب: لا ينصب مفعولاً به، ولا يُنفى عنه النصب مطلقاً، بل قد ينصب التمييز والحال والعامل فيهما فعل لازم، والذي معنا هنا أن المستثنى منصوب بالفعل اللازم لكن بواسطة إلا.
[فَما أتَى مِن بعْدِ إلاَّ يُنْصَبُ] وجوباً مع جميع هذه الشروط الثلاثة، والناصب له إلاَّ، الحرف وحده عند ابن مالك رحمه الله، وقيل: الفعل بواسطة إلا. [تَقُولُ قَامَ القَومُ إِلاَّ عَمْرَا] هذا مثال مستوفٍ للشروط الثلاثة، كلامٌ تامٌّ ذُكر فيه المستثنى منه وهو القوم، موجَب لم يتقدمه حرف سلب أو شبهه، والاستثناء واقع بعد إلاَّ، وهو استثناء متصل. [وَقَدْ أَتَانِي النَّاسُ إِلاَّ بَكْرَا] أتاني أتى فعل ماض، والناس فاعل، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به، وإلا حرف استثناء، وبكراً منصوب على الاستثناء، وحكم النصب هنا واجبٌ لاستيفاء الشروط الثلاثة: كونه تامًّا، كونه موجبًا، كونه مستثنى بإلا، وهذان مثالان للاستثناء المتصل، وهو ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه، ومنه قوله تعالى: ((فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ (249))) [البقرة:249] فشربوا