[وَهْوَ] أي الكلام [مُوجَبُ] من الإيجاب، والإيجاب والسلب متقابلان، وموجب اسم مفعول مِنْ أُوجِبَ يُوجَبُ فهو مُوجَب، وعندما يقول البيانيون وغيرهم: الإيجاب والسلب فمرادهم بهاتين الصفتين وصف الكلام، لأن الذي يُوصف بالإيجاب أو السلب، هو الجملة مطلقاً لا المبتدأ ولا الخبر ولا الفعل ولا فاعله وإنما مقصودهم بالإيجاب والسلب تسلط النفي على المفهوم من الجملة، والأصل في الجملة الإيجاب بدليل أنه لا يقال بالنفي إلا لدخول حرف أو فعل يدل على النفي، حينئذٍ ما افتقر إلى سببٍ يدل عليه فرعٌ عمَّا لا يفتقر، فالأصل في الجملة الاسمية والفعلية الإيجاب، أنها موجبة مثبتة بدليل أنها لا تحتاج إلى علامة، ومتى نقول الجملة منفية؟ الجواب: لا بُدَّ أن يسبقها ما يدل على النفي كلم أو ما النافية أو ليس وغيره، إذًا افتقرت إلى سبب، وما لا يفتقر إلى سبب أصل لما افتقر إلى سبب، فحكم بأن الأصل في الجملة الإيجاب وهو الإثبات. إذًا قوله: [وَهْوَ مُوجَبُ] احتراز مما لو سبقه نفي أو شبهه كما سيأتي، [فَمَا أَتَى مِنْ بَعْدِ إِلاَّ يُنْصَبُ] الفاء واقعة في جواب الشرط لأنه جملة اسمية، وإذا مضمَّنةٌ معنى الشرط، [فَمَا] ما اسم موصول بمعنى الذي يصدق على المستثنى [أَتَى مِنْ بَعْدِ إِلاَّ] فاعل أتى ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على ما أي المستثنى، وقيَّده بإلا لأنه إذا كان تاليا لأداة استثناء غير إلا فله حكمٌ آخر، لذلك نجعل هذا شرطا في وجوب نصب المستثنى، أي يكون المستثنى تالياً لحرف الاستثناء وهو إلا، وأن يكون الكلام تامًّا ذُكر فيه المستثنى منه، وأن