[وَلِي عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ فَلْسًا] فلساً تمييز، وأربعون مبتدأ، خبره عليه أو الجار والمجرور لي، يحتمل هذا أو ذاك. فالجملة لي عليه أربعون، أربعون هذا فيه إبهام، فالذات نفسها مبهمة، المعدود بالأربعين ما هو؟ أربعون كأساً؟ أربعون بيتاً؟ قال: فلساً، إذًا فلساً منصوب على أنه تمييز وميز الأربعين، حينئذ يكون مثالا لتمييز المفرد.
والمثال الأول لتمييز النسبة، وقَدَّم النسبة على المفرد، والعكس هو الأولى؛ لأنَّ الأصل هو المفرد، وهو الأكثر أيضًا.
[وَخَالِدٌ أَكْرَمُ مِنْ عَمْرٍو أَبَا] هذا مثالٌ للمحوَّل عن المبتدأ، وأصل التركيب أبو خالدٍ أكرمُ من عمرو، فحُذف المضاف وهو أبو وأُقيم المضاف إليه وهو خالد مُقامه فارتفع ارتفاعه، وصار مبتدأ، خالد أكرم من عمرو، في ماذا؟ قال: أباً فجيء بالمحذوف الذي حُذف وهو المبتدأ فانتصب على التمييز رفعاً للنسبة.
[وَكَونُهُ نَكِرَةً قَدْ وَجَبَا] المراد أن التمييز لا يكون إلا نكرة على مذهب البصريين، وأما الكوفيون فيُجوِّزُون كونَ التمييز معرفة. واستدلوا بقول الشاعر:
رَأَيْتُكَ لَمَّا أَنْ عَرَفْتَ وُجُوهَنَا ... صَدَدْتَ وَطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسُ عَنْ عَمْرٍو
فالنفس باتفاق الفريقين أن إعرابه تمييز، وهو معرَّف بأل، فالكوفيون لهذا الشاهد جوَّزوا أن يكون التمييز معرفة، والأصل عند البصريين أنه لا يكون إلا نكرة، فالبصريون على قواعدهم أن الشيء المطرد والغالب هو القاعدة، وما عداه مما خالفها يؤول،