المراد أنه لا يتقدم على الجملة، بل قد يتقدم، نحو: راكباً جاء زيدٌ. وكما قال ابن مالك: وحدك اجتهد. وكقول الناظم هنا وفضلة يجيء، فقُدِّم الحال على العامل. فحينئذٍ نقول: يجوز في بعض المواضع تقديم الحال على العامل، وإنما المراد أن الحال تأتي بعد تمام الجملة يعني بعد جزئيها.
وقوله: [بِاتِّضَاحِ] جار ومجرور متعلق بالفعل يجيء أي الحال باتضاح أي أمر واضح وبيِّن في لغة العرب.
وَلاَ يَكُونُ غَالِبًا ذُو الحَالِ ... إِلاَّ مُعَرَّفًا فِي الاسْتِعْمَالِ
عندنا ثلاثة أشياء: عامل الحال، وصاحب الحال، والحال.
عامل الحال: هو الذي يُؤَثِّر الرفع أو النصب أو الخفض في صاحب الحال، والنصب في الحال، فالعامل في صاحب الحال هو العامل في الحال. وصاحب الحال هو مَنْ كانت الحال وصفاً له في المعنى، ولذلك يقول الأصوليون: الحال وصفٌ لصاحبها قَيدٌ لعاملها، ومن هذه الحيثية جعلها الأصوليون من المخصصات المتصلة. قال تعالى: (وَمَنْيَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا (93)) [النساء:93] متعمداً حال، وصفٌ لصاحبها وهو فاعل يقتل وهو الضمير المستتر، قيدٌ لعاملها وهو الفعل المضارع يقتل فقيدته الحال لأن القتل قد يقع على جهة العمد، ويقع على جهة الخطأ، وقد يقع على جهة شبه العمد، والحكم هنا مُقيَّد بكونه عامدًا. إذًا وصفٌ لصاحبها بأن يكون القاتل متعمدا، قيدٌ لعاملها بنوع من أنواع القتل وهو العمد.