وَكَونُهُ نَكِرَةً يَا صَاحِ ... وَفَضْلَةً يَجِيءُ بِاتِّضَاحِ

يُشترَط في الحال أن تكون نكرة، كما اشتُرِط فيها أن تكون وصفًا فضلة صالحةً للوقوع في جواب كيف. [وَكَونُهُ] أي الحال، ولم يقل وكونها؛ لأنه يجوز أن يراعى اللفظ فيذكر الضمير، وأن يراعى المعنى فيؤنث، فيصح الوجهان. وقوله: يا صاح مر ذكره. [نَكِرَةً] أي واشترط أن تكون الحال نكرة قيل: لأن الحال لو كانت معرفة لتُوهِمَ أنها نعت. والأصح أن يقال في التعليل اشتُرط تنكير الحال لكون النكرة هي الأصل، وإنما جيء بالحال للدلالة على هيئة صاحبها، فإذا حصلت الدلالة على الهيئة بالنكرة، فحينئذٍ صار العدول إلى المعرفة التي فيها زيادة على النكرة من باب الحشو والعبث؛ لأن المعرفة إنما تكون معرفة بزيادة على النكرة، فالمعرفة فرع النكرة، والنكرة هي الأصل، بدليل أنها لا تحتاج إلى علامة. والمعرفة هي الفرع بدليل أنها تحتاج إلى علامة، وما لا يحتاج أصلٌ لما يحتاج. فحينئذٍ قالوا: إذا أُدِّيَ المرادُ بالنكرة في كشف هيئة صاحب الحال، صار العدول إلى ما فيه زيادة من باب الحشو، فإذا حصل المراد وكشفت الصفة والهيئة بقولنا: جاء زيدٌ راكباً. فقد أُدِّي المعنى ولا حاجة إلى أن نقول: جاء زيدٌ الراكب. فإذا صح بالأصل وهو راكباً فلا يجوز العدول إلى الراكب، لأن الراكب فيه زيادة أل فلا بد أن يكون لهذه الزيادة أثر في كشف صاحب الحال من جهة الهيئة، ولكن ليس لها أثر فحينئذٍ لَمَّا انتفى أثرُ تلك الزيادة صار ذِكْرُها حَشْواً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015