على كلٍّ أُورِدَ على كونها فضلة بأنه ما يستغنى عنه قوله تعالى: ((وَلَاتَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا (37))) [الإسراء:37] وقوله: ((وَلَاتَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60))) [البقرة:60]))
قالوا: لو أسقط مرحاً - في غير القرآن - فسد الكلام من جهة المعنى، لأنه إذا قيل: (وَلَاتَمْشِ فِي الْأَرْضِ) صار النهي عامًّا فيقتضي عدم المشي في الأرض مطلقاً مع أن المقصود بمرحاً هو تقييد المنهي عنه، وهو بعض المشي لا كل المشي، فحينئذٍ لو قال: لا تمشِ، لا تأتِ راكباً ثم حذفت راكباً، فقلت: لا تأتِ، يعني لا تأتِ مطلقاً، ولو قلت: لا تأتِ راكباً كان النهي مقيداً بصفة معينة وما عداها فهو على الأصل. فإذا قيل الفضلة ما يستغنى عنه فبعض أنواع الحال لا يجوز الاستغناء عنها فيفسد المعنى بحذفها.
فحينئذٍ نقول الأصح أن يفسَّر الفضلة بأنه: ما ليس بعمدةٍ. فحينئذٍ خرج المبتدأ والخبر والفاعل ونائب الفاعل؛ لأن العُمَد محصورة في هذه الأربعة، وما عداها يعتبر من الزوائد، لكن ليس أن ما كان من الزوائد يستغنى عنه، ليس هذا المراد، بل المراد أن الكلام لابد فيه من إسناد، والإسناد يقتضي مسنداً ومسنداً إليه. والمسند والمسند إليه محصورٌ في أربعة لا خامس لها المبتدأ والخبر والفعل وفاعله أو نائبه.
والحاصل: أن المراد بالفضلة هنا وفي غيرها مطلقاً حتى في المجرورات والظروف، ما ليس بعمدةٍ ولا نُفسِّره بما يستغنى عنه،