لما فرغ من الكلام على المرفوعات وما يتعلق بها شرع في الكلام على المنصوبات، وقدَّم المرفوعات على المنصوبات؛ لأن المرفوعات عُمَدٌ في الأصل، والعمد شأنها التقديم، وثنى بالمنصوبات؛ لأن الفعل قد يكون ناصباً، فالنصب إما أن يكون بحرف أو بفعل أو باسم، حينئذٍ حصل النصب بالفعل وهو أقوى العوامل بخلاف المخفوضات، فإنه لا خفض بالفعل.
و [المَنْصُوبَاتُ] جمع منصوب، وهو لغة: المستقيم والمستوي، واصطلاحاً: ما اشتمل على عَلَمِ النصب، يعني علامة النصب من الفتحة وما ناب عنها، تقول: رأيت زيداً، فزيداً منصوب، لكونه اشتمل على علامة النصب، [مِنَ الأَسْمَاءِ] احترازًا عن الأفعال، ويمكن أن يقال: إنه لبيان الواقع، ولا حاجة إلى الاحتراز؛ لأنه ذَكَر أولاً المنصوبات من الأفعال، فحينئذٍ لا يقع الذهن في الوَهَم بأنه قد يريد النواصب من الأفعال، بخلاف ما لولم يسبق ذكر نواصب الأفعال.