فكل حرف من حروف العطف يفيد التشريك في اللفظ يعني في الحكم، فما بعدها يتبع ما قبلها في الإعراب، إن كان مرفوعاً فمرفوع ... إلخ، وتعقيب كل شيء بحسبه، جاء زيد فعمرو، المجيء هنا يقع بعد المجيء ولا إشكال فيه، لكن لو قال مثلاً: دخلت البصرة فبغداد فمصر فالجزائر فالمغرب، تقول: الفاءات هذه للتعقيب، لكن إذا قال: دخلت البصرة فبغداد ثَمَّ فترة ومهلة زمنية بين دخول البصرة وبغداد ولا بد من هذا، وإلا كيف ينتقل مباشرة؟ دخل البصرة فبغداد بلا مهلة زمنية، نقول: هذا لا يمكن، إذاً لا بد من مهلة زمنية فكل تعقيب بحسبه فإن كان يقتضي زمناً فحينئذٍ يصير هذا الزمن مستثنى، ويكون التعقيب على أصله فإن زاد على ذلك انتفى التعقيب، يعني لو كانت الفترة الزمنية في الانتقال من البصرة إلى بغداد ثلاثة أيام فإذا دخل البصرة فبغداد في زمن ثلاثة أيام حصل التعقيب لكن لو جلس عشرة أيام نقول: لا يصح التركيب، وإنما يقول: دخلت البصرة ثم بغداد، لوجود المهلة، فإن كان زمن لا بد منه في الانتقال من المعطوف عليه إلى المعطوف ولا يصح ولا يحصل إلا بهذا الزمن نقول: هذا يستثنى، والمثال المشهور تزوج زيد فولد له، الفاء هذه للتعقيب، تزوج عقد النكاح فولد له، لا بد من مهلة، إذاً تعقيب كل شيء بحسبه.
[ثُمَّ] أي وثم على حذف حرف العطف، وثُم بضم الثاء وهي تفيد الترتيب والتراخي، تقول: جاء زيد ثم عمرو، مجيء عمرو وقع بعد مجيء زيد، ولكن بمهلة وزمن، إذاً بين مجيء زيد ومجيء عمرو مهلة زمنية.