كان مشتقاً لا بد أن يكون عاملاً، وذكرنا أن المشتق هنا المراد به اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل، وهذه ترفع ضميرًا مستترًا، فإذا قلت: جاء زيد العاقل، العاقل نعت تنظر بعد لفظ العاقل، هل هناك اسم ظاهر؟ فإذا لم يكن بعده اسم ظاهر تحكم عليه بأنه رفع ضميراً مستتراً، يعود على المنعوت، هذا ضابط النعت الحقيقي.
والنعت السببي هو الذي رفع اسماً ظاهراً، فإذا قلت: جاء زيد العاقل أبوه، فالعاقل نعت ثم تنظر في النعت هل رفع ضميراً مستتراً؟ الجواب لا، وإنما رفع اسماً ظاهراً وهو أبوه وهو فاعل. وهذا يسمى نعتاً سببياًَ، وعلة التسمية قالوا: لأنه جرى على غير ما هو له، فقولك: جاء زيد العاقل أبوه، جاء فعل ماضٍ، وزيد فاعل، وهو المنعوت، والعاقل نعت لزيد، وأبوه فاعل للنعت، هذا من حيث اللفظ، وأما من حيث المعنى فمَن الذي وصف بالعقل؟ هل هو زيد أو أبو زيد؟ الجواب: الموصوف بالعقل هو أبو زيد، إذاً هل جرى النعت والصفة التي تضمنها اللفظ المشتق على الموصوف أو على غيره؟ لاشك أنه على غيره، هذا يسمى نعتاً سببياً، فحينئذٍ العاقل أبوه ليس وصفاً لزيد، وإنما هو وصف لأبي زيد، فتقول هذا الوصف جرى على غير من هو له في الأصل، لأنه في الأصل لزيد ولذلك نعربه نعتا له، لكنه لما رفع اسماً ظاهراً انتقل في المعنى من جهة كونه صفة لزيد إلى كونه صفة لأبي زيد.