الإهمال أرجح من الإعمال؛ لأن القاعدة عندهم في الفعل أنه وإن كان أقوى في العمل، بل هو الأصل في العمل، لكن قوته تكون فيما إذا تقدم على المعمول، وأما إذا تأخر فإنه يضعف، ولذلك لما توسط العامل بين معموليه استوى الأمران عند الجمهور، ولم يترجح النصب مع كون العامل فعلاً، لأنه لم يتقدم على معموليه، بل توسط فحينئذ ضعف، فلما تأخر ازداد ضعفاً، فصار الإهمال أولى.
ولذلك قوله تعالى: (إن كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43))) [يوسف:43] الأصل: تعبرون الرؤيا، لكن لما تقدم المعمول على عامله زيدت اللام، وهذه اللام تسمى لام التقوية، زيدت اللام لأن العامل لما تأخر عن معموله ضعف تسلطه عليه، فلا بد من واسطة تقوي عمله، ولذلك قولك: ضربت زيداً، فعل وفاعل ومفعول به، ولا يصح أن يقال: ضربت لزيد، على أن اللام هذه تقوية للعامل ليصل إلى المعمول، هذا وإن سمع في لغة العرب لكنه ليس بقياس، فيحفظ ولا يقاس عليه. أما إذا تقدم المفعول به على العامل يجوز حينئذٍ زيادة اللام، وهذا جائز قياساً مطرداً، فتقول: لزيد ضربت، وإعرابه: لزيد اللام حرف جر زائد وصلة وتوكيد، وزيدٍ مفعول به منصوب ونصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وزِيد الحرفُ تقويةً للعامل، لأنه لما تقدم عليه معموله، وتأخر هو ضعف تأثيره، فحينئذ لا بد من واسطة، فليس هو كما لو تأخر المعمول في نحو: ضربت زيداً فلا