ثم شرع في بيان هذه الأفعال، ومثل لها بمثالين فقط، فقال: [وَهْيَ ظَنَنْتُ] الواو واقعة في جواب سؤال مقدر، كأن سائلاً قال: ما هي أفعال القلوب، خبِّرنا بها؟ قال: وهي ظننت، فحينئذ تكون الواو للاستئناف البياني، وهو ما كان واقعاً في جواب سؤال مقدر، لأنه قال أولا [اِنْصِبْ بِأَفْعَالِ القُلُوبِ] هذا إجمال ثم يأتي بعد ذلك ما هي هذه الأفعال؟ فيأتي التفصيل.

[وَهْيَ ظَنَنْتُ] وهي أي أفعال القلوب، مبتدأ، وظننت خبر مفرد قصد لفظه، راعى العطف قبل الحمل أي ظننت وما عطف عليه خبر، لئلا يرد أن الضمير يعود على أفعال القلوب، وعدَّ الناظم منها ثمانية، فحينئذ يصدق قوله: أفعال القلوب على الثمانية الأفعال، وأخبر عنها بظننت وهو واحد فلم يوجد التطابق بين المبتدأ والخبر. [ظَنَنْتُ] الأصل في ظن أنها تدل على الرجحان أي رجحان الخبر في الأصل، فهي موضوعة للدلالة على ترجيح وقوع المفعول الثاني، تقول: ظننت زيداً قائماً، يعني أدركت إدراكاً راجحاً قيام زيدٍ. فالإدراك هنا للخبر الذي اتصف به المبتدأ؛ لأن الأصل في المفعول الأول أنه مبتدأ والأصل في المفعول الثاني أنه خبر. والأصل في الجملة الاسمية الدلالة على اتصاف المبتدأ بمضمون الخبر، فالأصل في ظن أنها تدل على الرجحان، والمراد بالرجحان: إدراك الشيء إدراكًا غير جازم، ثم غير الجازم قد يكون مرجوحا وهو الوهم، وقد يكون راجحا وهو الظن، قال العمريطي في نظم الورقات:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015