هذا هو النوع الثالث من أبواب النواسخ التي ذكرها الناظم رحمه الله تعالى، وهو ظن وأخواتها وكلها أفعال باتفاق، وأخرها عن باب إنَّ مع كون إنَّ وأخواتها حروفا، لكون إنَّ بقي معها أحد ركني الإسناد وهو الرفع للخبر، كقولك: إنَّ زيداً قائمٌ، فقائمٌ مرفوع، والرفع إعراب العمد، وأما نحو: ظننت زيداً قائماً، هذا منصوب، والنصب في الأصل إعراب للفضلات، إذاً لما بقي أحد ركني الإسناد في باب إنَّ وهو أولى بالاعتبار من كون العامل فعلاً أو حرفاً، قدَّم باب إنَّ على باب ظن وأخواتها. وظن وأخواتها من النواسخ التي تدخل على المبتدأ والخبر فتنصبهما على أنهما مفعولان لظن وأخواتها، والأصل: زيدٌ قائمٌ، فدخلت ظنَّ فنصبت المبتدأ على أنه مفعول أول لظن، ونصبت الخبر على أنه مفعول ثان لظن. والأصل في العوامل التي تدخل على الجُمَل أنها لا تعمل ولا تؤثر، هذا هو الأصل لكن قيل: نصبت ظن وأخواتها مفعولين على التشبيه بأعطيت؛ لأن أعطى وكسى تنصب مفعولين، والفرق بين البابين أن باب كسى وأعطى لا يختص بجملة المبتدأ والخبر يعني لا يكون المفعول الأول مبتدأ في الأصل، ولا المفعول الثاني خبراً في الأصل، نحو قولك: أعطيت زيداً ديناراً، فزيداً مفعول أول، وديناراً مفعول ثان، إذا حذفت العامل أعطيت هل يصح رفع الجزئيين على أنهما مبتدأ وخبر فتقول: زيدٌ دينارٌ؟ نقول: لا يصح ذلك أبدا. إذًا أعطى