والحاصل: أن لام الابتداء تدخل على واحد من أربعة أمور: الخبر المتأخر، والاسم المتأخر، هذان اثنان متأخران، ومعمول الخبر إذا توسط، وضمير الفصل إذا توسط أيضًا. والأمثلة كما سبق بيانه. [تَقُولُ إِنَّ مَالِكًا لَعَالِمُ] نأخذ منه أيضاً أنه لابد من الترتيب، وهذا هو الشرط الثاني لإعمال إن وأخواتها أن يتقدم الاسم على الخبر، ولا يجوز أن يقال: إن قائمٌ زيدًا، وإن جاز في باب كان، كما في قوله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم:47] وقوله: قائماً كان زيدٌ، فجاز أن يتقدم الخبر على الاسم بل على كان نفسها، لأن العامل إذا كان فعلاً فمعمولاته يتوسع فيها من جهة التقديم والتأخير لقوة العامل، أما إذا كان حرفاً فحينئذٍ إعماله ضعيف، كل حرف إذا أُعمل ففيه ضعف، ووجه ضعفه أن الأصل فيه ألاّ يعمل. فحينئذٍ يبقى الترتيب كما هو، إن زيداً عالمُ، لا يُقال: زيداً إن عالمٌ، ولا يقال: إنَّ عالمٌ زيداً، واستثنى الظرف والجار والمجرور إذا وقعا خبرا، كما قال ابن مالك:
وَرَاعِ ذَا التَّرْتِيبَ إِلاَّ فِي الَّذِي كَلَيتَ فِيهَا أَوْ هُنَا غَيرَ البَذِي
ومنه قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً) [آل عمران:13] إن حرف توكيد ونصب, وفي ذلك جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، ولعبرةً اسم إن منصوب بها وهو متأخر، والذي جوز هنا تقديم الخبر على المبتدأ، كون الخبر جاراً ومجروراً، لأنهم يتوسعون في المجرورات والظروف ما لا يتوسعون في غيرها. ومنه