إنما سمي ماضياً باعتبار زمنه المستفاد منه كما ذكرناه أولاً، حينئذ نقول: الأصل في وضعها للدلالة على الانقطاع، فإذا سمعت كان زيد قائماً، فالأصل أنه قام في الزمن الماضي، والآن لا يثبت له شيء البتة، لكن نحو: كان الله غفوراً رحيما، فهنا تدل على الاستمرار، وذلك من دليل خارجي، ففي مثل التراكيب المتعلقة بذات الرب جل وعلا كلها للدلالة على الاستمرار والدوام. وما عدا ذلك فالأصل فيها الانقطاع.
إذًا كان قيَّدت الخبر وهو القيام بأنه واقع في الزمن الماضي، وليس الخبر قائماً هو الذي قيد كان، يقول السيوطي في عقود الجمان:
وَنَحْوُ كُنْتُ قَائِمًا كَانَ الَّذِي ... قَيَّدَتِ المَنْصُوبَ لاَ العَكْسُ احْتُذِي
لا العكس أي ليس قائماً هو الذي قيد كان، وإنما كان هي التي قيدت قائماً، لأن أصل وضعها في لغة العرب أنها دالة على اتصاف اسمها بمضمون خبرها.
[وَأَمْسَى] الناقصة وهي موضوعة للدلالة على اتصاف اسمها بمضمون الخبر في وقت المساء، نحو: أمسى زيد فقيهاً، دلت على اتصاف زيد بالفقه وقت المساء، وقبله لم يكن فقيها. وتأتي أمسى تامة، نحو: أمسى زيد، إذا دخل في المساء، فحينئذٍ تكون تامة لا تحتاج إلى منصوب، وإنما هي فعل وفاعل كـ (قام زيد).