لأن مضارعه يَكْوُن على وزن يَفعُل، فحينئذٍ إذا كان يَفْعُل لا بد أن يكون ماضيه إما من باب فَعَل أو فَعُل، ويمتنع أن يكون من باب فَعُل فيتعين أن يكون من باب فَعَل، وهكذا إذا أشكل عليك معرفة الصيغة أو الباب، تنظر إلى المضارع فنقول: يكون أصله يَكْوُن على وزن يَفْعُل، ويَفْعُل في لغة العرب لا يأتي إلا من باب فَعَل يعني ماضيه فَعَل بفتح العين أو فَعُل بضم العين، ويكون من باب فَعُل إذا كان من الطبائِع والغرائز ويكون لازماً، وهنا كان ليست من الطبائع ولا من الغرائز، فتعين أن تكون من باب فَعَل.
إذًا أصل كان كَوَنَ، والألف منقلبة عن الواو، بدليل المصدر قال الشاعر:
بِبَذْلٍ وَحِلْمٍ سَادَ فِي قَوْمِهِ الفَتَى ... وَكَوْنُكَ إِيَّاهُ عَلَيكَ يَسِيرُ
فصرح بالمصدر، وأيضًا الفعل المضارع يكون، هذه الواو هي الألف المنقبلة في كان.
بَابَ كَانَ وَأَخَوَاتِهَا: جمع أخت، والمراد به النظائر، يعني: باب كان ونظائرها في العمل، وإنما خص كان دون غيرها لأن كان أم الباب، وسبق أن الشيء إذا قيل: بأنه أم الباب معناه أنه اختص بأحكام ينفرد بها عن غيره، فحينئذٍ كان تنفرد بأحكام لا يشاركها غيرها من أخواتها، كحذفها مع اسمها بعد إِنْ ولو كثيراً، كذلك تزاد في حشو، وتحذف نونها من مضارعها بشرطه، إذًا لها أحكام تختص بها كان دون أخواتها.