لما أنهى الكلام على الفاعل وهو الأصل في المرفوعات، كان أقرب ما يذكر بعده هو ما اختلف فيه هل هو أصل المرفوعات أم لا؟
[بَابُ المُبْتَدَا وَالخَبَرِ] أي هذا باب بيان حقيقة المبتدا وحقيقة الخبر. وجمع بينهما في بابٍ واحدٍ لتلازمهما غالباً؛ لأن المبتدأ يلزمه الخبر، فكل مبتدأ لا نقول لا بد له من خبر وإنما يلزمه الخبر في الأعم، ومن غير الأعم أن يسد الفاعل مسد الخبر. هل كل مبتدأ له خبر؟ نقول: في الأغلب الأعم، كل مبتدأ له خبر لكن يستثنى حالة واحدة وهي فيما إذا كان المبتدأ وصفاً اعتمد على نفي أو استفهام ورفع اسماً ظاهراً، فحينئذٍ لا يكون الاسم الظاهر خبراً وإنما يكون فاعلاً سد مسد الخبر، فمثلاً إذا قيل: أقائم الزيدان، نقول: الهمزة للاستفهام، وقائم مبتدأ، إذًا وُجد المبتدأ فهل لا بد أن يكون الزيدان خبرًا؟ الجواب: لا، وإنما الزيدان فاعل سد مسد الخبر بمعنى أنه أغنى عن الخبر في الفائدة، وقد وجدت الفائدة به كما لو وجدت بالخبر، وامتناع أن يكون الزيدان خبرًا عن المبتدأ في مثل هذا التركيب لعلة ولحكمة وهي أن قائم وصفٌ، والمشتقات عند النحاة في قوة الفعل، أقائم في قوة قولك: أيقوم، فلما كان قائم في قوة الفعل، والفعل لا يصح الإخبار عنه، عُدل عن كون الزيدان خبراً