الفاعل لأنه ذُكِر قبله فعل، وليس هو في الحقيقة فعله؛ لأن قولك: ضُرِبَ زيدٌ فزيدٌ ليس فاعلاً للضرب، وإنما ذُكر معه فعل لأنه في الأصل هو مضروب لا ضارب، والأصل: ضرب عمرو زيداً، فحذف الفاعل وأقيم المفعول به مُقامه فارتفع ارتفاعه، هذا التغيير لا يسلب إيقاع الضرب من عمرو الذي هو الفاعل في الأصل إلى إيقاعه من زيد الذي هو مفعول به في الأصل، لأن الفاعل هو مَن أوجد وأحدث الفعل، والمفعول به هو من وقع عليه الفعل، فحينئذٍ إذا قيل: ضُرب زيدٌ فزيدٌ لم يخرج عن كونه قد وقع عليه الضرب سواء كان في التركيب الأول أو الثاني. إذًا لم يُذكر قبله فعله وإن سبقه فعل وذُكر قبله، لكنه ليس هو فعله الذي أوجده، وإنما ذكر معه الفعل، لأنه مفعول به، والمفعول به يقع عليه الفعل ولا يقوم به الفعل ولا يقع منه الفعل، كما هو نوعا الفاعل.
[فِعْلٌ قَبْلَهُ قَدْ وُجِدَا] هذا احتراز من المبتدأ، فيما إذا أسند إلى المبتدأ فعل، نحو: زيد قام، على مذهب البصريين يتعيَّن أن يكون زيد مبتدأ، وقام الجملة خبر، فيجب الترتيب بأن يتقدم الفعل أوَّلا ثم يليه الفاعل، ولا يجوز أن يتقدم الفاعل على الفعل. وعند الكوفيين يجوز أن يكون زيد فاعلا مقدما، وعامله الفعل المتأخر قام، وليس فيه ضمير مستتر، وحينئذٍ إذا قيل: زيد قام، يُشترط في الفاعل أن يُذكر قبله فعله، فلو ذُكر بعده الفعل خرج عن كونه فاعلاً، فصار مبتدأً، لأن المبتدأ يذكر الفعل بعده لا قبله فيما إذا أخبر عن المبتدأ بالجملة الفعلية. [فِعْلٌ قَبْلَهُ قَدْ وُجِدَا] والمذكور قبله فعله