والمبتدأ والفاعل لا يجتمعان، فزيد فاعل، ومبتدأ، فاعل لغةً، ومبتدأ اصطلاحًا، كيف صار فاعلا في اللغة؟ نقول: لأن الفاعل في اللغة من أوجد الحدث، والقيام حدث، والذي أوجده هو زيد. فحينئذٍ نقول: زيد هذا فاعل لماذا؛ لأنه أوجد القيام، أما الفاعل في الاصطلاح فقال:
الفَاعِلَ ارْفَعْ وَهْوَ مَا قَدْ أُسْنِدَا ... إِلَيْهِ فِعْلٌ قَبْلَهُ قَدْ وُجِدَا
قوله: [الفَاعِلَ ارْفَعْ] بين حكمه قبل بيان حده، وهذا على خلاف الأصل؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولكنه أولى من صنع صاحب الأصل لابن آجروم حيث ذكر الحكم - وهو قوله المرفوع - في الحد فقال: هو الاسم المرفوع، والناظم هنا أخرجه عن الحد فقال: الفاعل ارفع؛ لأن الرفع حكم، والفاعل محكوم عليه، والتعريف إنما يكون لمعرفة الحقائق، والحكم على الشيء فرع عن تصوره. فحينئذٍ لا بد من التعريف أولاً ثم بعد ذلك يذكر الحكم، ولذلك عند المناطقة من شرط صحة الحد أنه لا تدخل فيه الأحكام. قال في السلم المنورق:
وَعِنْدَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ المَرْدُودِ ... أَنْ تَدْخُلَ الأَحْكَامُ فِي الحُدُودِ
وعندهم أي المناطقة من قواعدهم المنطقية: أنه من جملة الأمور المردودة عندهم ولا تقبل أن تدخل الأحكام في الحدود؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره فلا بد أن تتصور أولاً ما هو الفاعل ثم بعد ذلك تذكر حكمه. [الفَاعِلَ ارْفَعْ] أي ارفع