ولم يسبقه جازم فهذا إما أن يقال: إنه ضرورة، وإما أن يؤول، ومنه قول الشاعر:

مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ ... إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ أَمْرٍ تَبَالاَ

تفد: والأصل تفدي بالياء، فحذفت وهي لا تحذف إلا للجازم ولم يسبقها جازم قالوا: إما أن يقال: ضرورة، وإما أن يقال: ثَمَّ حرف مقدر، وهو لام الأمر، والفعل المضارع مجزوم بها. وعلى كلٍّ لا بد من تخريجه على وجه صحيح.

فَاليَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقَبِ ... إثِْمًا مِنَ اللهِ وَلاَ وَاغِلِ

أشربْ: بالسكون ولم يتقدمه جازم. قالوا: هذا ضرورة، بل قيل: البيت خطأ والأصل فاليوم أُسقى، وأسقى فعل مضارع مغير الصيغة مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره, فلا إشكال حينئذٍ. فإذا وجد الجزم الذي هو السكون أو حذف الحرف الذي هو النون أو أحرف العلة، وُجِد أثر الجازم ولا جازم، فلابد من الحكم بأنه ضرورة أو مؤول. كذلك في النواصب إذا وجد النصب فلا بد من ناصب ظاهر أو مقدر، وإذا وجد ناصب ولا نصب فهذا أيضًا يحكم بأنه شاذ، ومنه {أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ} (البقرة:233) قرئ بالضم قالوا: هذا شاذ لأن أنْ يجب إعمالها فإذا لم تعمل حينئذٍ حكم بشذوذه.

وَجَزْمُهُ إِذَا أَرَدْتَ الجَزْمَا ... بِلَمْ وَلَمَّا وَأَلَمْ ... أَلَمَّا

وَلاَمِ الأَمْرِ وَالدُّعَاءِ ثُمَّ لاَ ... فِي النَّهْيِ وَالدُّعَاءِ نِلْتَ الأَمَلاَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015