جواز الوجهين، نحو قوله تعالى: (وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام:71] ونحو: (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) [الزمر:12]
[كَذَاكَ حَتَّى] حتى مبتدأ، وهي حرف، ولكن قُصد لفظها فصارت علمًا، كذاك حتى أي مثل ما سبق من لام كي ولام الجحود، حتى ناصبة للفعل المضارع بنفسها على مذهب الكوفيين، وبأن مضمرة بعدها وجوبًا عند البصريين، ومثاله: {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا} (طه:91) يرجع: فعل مضارع منصوب بحتى على مذهب الكوفيين، ولكن الكوفيين أشبه ما يكونون بالظاهرية في مثل هذه المواضع لأنه ليس كل عامل- في الأصل - سُلِّط على فعل- في الظاهر - فظهر النصب عليه أن يعلق النصب بهذا العامل، لأن حتى حرف جر {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (القدر:5) {حَتَّى حِينٍ} (الذاريات:43) فحينٍ ومطلعِ الفجر اسمان مجروران بحتى، فكيف يقال: حتى حرف جر، وتختص بالأسماء فتعمل فيها الجر، ثم تدخل على الفعل المضارع فتنصبه؟! هذا محل إشكال على مذهب الكوفيين. إذن حتى تكون ناصبة بنفسها عند الكوفيين، وبأن مضمرة وجوبًا عند البصريين، لكن يشترط في النصب بحتى أن يكون الفعل بعدها مستقبلاً بالنسبة إلى ما قبلها، سواء كان مستقبلا بالنسبة إلى زمن التكلم أو لا، فإذا لم يكن كذلك تعيَّن رفع الفعل بعدها. فالأول نحو قوله تعالى: (لََنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى) [طه:91] فإن رجوع موسى عليه الصلاة والسلام مستقبلٌ بالنسبة إلى الأمرين جميعًا. والثاني نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (البقرة:214) بالنصب بناءا على أن القول قول الرسول مستقبلٌ بالنسبة إلى زلزالهم، وإن كان ماضيًا بالنسبة إلى الإخبار والتكلم. وقرئ بالرفع أيضًا يقولُ بناء على أن الزلزال والقول قد مضيا. وإذا دخلت حتى على الفعل المضارع ونصبته، حينئذٍ تفسر حتى بأحد معنيين: إما بمعنى كي التعليلية، وإما بمعنى إلى. إما بمعنى كي وذلك إذا كان ما قبلها علة لما بعدها، نحو: أسلم حتى تدخل الجنة، فدخول الجنة علته الإسلام إذًا الإسلام علة وسبب، أسلمْ حتى تدخل الجنة، كأنه قال أسلم كي تدخل الجنة. وإما بمعنى إلى وذلك إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها، كما في الآية السابقة {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا