معرفة دال على أنه عين الأول كما هو القاعدة، [فَالمَاضِي مَفْتُوحُ الأَخِيرِ أَبَدَا] سبق بيان حد الماضي، وعرفنا علامته، وهنا بين حكمه فالماضي مبني، وقد جاء على الأصل في الأفعال، والقاعدة أن ما جاء على أصله لا يسأل عن علته، فلا يقال حينئذ لماذا هو مبني؟ لأنه جاء على الأصل وما جاء على الأصل لا يسأل عن علته. ثم يرد السؤال على أي شيء بُني الفعل الماضي؟ نقول: فيه ثلاثة مذاهب للنحاة: جمهور النحاة المتأخرين على التفصيل، لأن الفعل الماضي له أحوال: إما أن يتصل بآخره شيء أولا، فإن لم يتصل بآخره شيء فهو مبني على الفتح سواء كان الفتح ظاهراً أو مقدراً، فإن اتصل بآخره شيء إما أن يكون واواً أو ضمير رفع متحرك، فإن كان واواً ضم آخره لمناسبة الواو فيبنى على الضم، وإن كان ضمير رفع متحرك بني معه على السكون، فحينئذ له ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون مبنياً على الفتح كما قال الحريري:
وَحُكْمُهُ فَتْحُ الأَخِيرِ مِنْهُ ... كَقَوْلِهِمْ سَارَ وَبَانَ عَنْهُ
تقول: جاء زيد، فجاء: فعل ماضٍ مبني على الفتح الظاهر، ونحو: (وعصى آَدَمُ رَبَّهُ (121)) [طه:121] عصى: فعل ماض مبني على فتح مقدر، كما قال هنا: [مَفْتُوحُ الأَخِيرِ] أي مفتوح الحرف الأخير فتح بناء، [أَبَدَا] سواء كان ظاهراً أو مقدراً، وهذا إذا لم يتصل به شيء، أو اتصل به ألف الاثنين التي هي فاعل، نحو: الزيدان ضربا، فالزيدان مبتدأ، وضربا فعل ماض مبني على الفتح مع كونه اتصل به ألف الاثنين، فيبقى على أصله على قول الجمهور