بعض إلا الإعراب، هذه علة الإعراب في الاسم فإذا وجدت هذه العلة في الفعل المضارع فالقاعدة العامة: أنه إذا أشبه الشيءُ الشيءَ الآخر أخذ حكمه، فحينئذ إذا وُجدت هذه العلة وهي اعتوار المعاني المختلفة على صيغة واحدة في الفعل المضارع فحينئذ نقول: الفعل المضارع قد أشبه الاسم فأخذ حكمه وهو الإعراب، كما أن الاسم إذا أشبه الفعل أخذ حكمه وهو المنع من الصرف، فما هي الصيغة التي يمكن أن يكون عليها الفعل المضارع وتعتوره المعاني المختلفة ولا يميزها إلا الإعراب؟ قالوا المثال المشهور: لا تأكلِ السمكَ وتشرب اللبن، لا ناهية، وتأكل فعل مضارع مجزوم بلا وجزمه السكون المقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التخلص من التقاء الساكنين، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت، والسمك مفعول به منصوب ونصبه فتحة ظاهرة على آخره لأنه اسم مفرد، إلى هنا لا إشكال فيه، ولكن قوله: وتشرب اللبن هذا فعل مضارع تتوارد عليه المعاني المختلفة التي لا يميزها إلا الإعراب، وهذه المعاني المختلفة لصحة أن يقال: وتشربِ اللبن بالجزم، وتشربَ اللبن بالنصب، وتشربُ اللبن بالرفع، ثلاثة أوجه، وليست هذه المعاني متحدة؛ لأن الإعراب فيها متغير، وإنما جيء بالإعراب لتغير المعاني، فحينئذ لا بد أن يكون كل وجه منها مغايرًا للآخر، فإذا قلت: لا تأكل السمك وتشربِ اللبن، صار كلٌّ من أَكْلِ السمك وشرب اللبن منهياً عنه لذاته، إذا جزمت حينئذ تقول: وتشربِ اللبن بالجزم: الواو حرف عطف، وتشربِ فعل مضارع معطوف