[فَاجْزِمْ] الفاء فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، وفصيحة فعيلة بمعنى مُفْعِلة أي بمعنى اسم الفاعل، مأخوذة من الإفصاح وهو البيان والإيضاح والإظهار؛ لأنه لما ذكر لك أن علامتي الجزم السكون والحذف كأنّ سائلاً قال له: فأين مواضع هاتين العلامتين؟ أو أنه قدّر هو سائلا كأنه قال: إذا أردت معرفة محل هاتين العلامتين فأقول لك اجزم، [فَاجْزِمْ] أيها النحوي، وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، [فَاجْزِمْ بِتَسْكِينٍ] قال في الأول: إن السكون، ثم قال هنا: بتسكين، وهذا مصدر، وهل المراد المصدر أو أثر المصدر؟ أولاً: المصدر هو فعل الفاعل، يعبر عنه بأنه المعنى المصدري كالتكلم، والتكلم هو فعل الفاعل لإظهار الكلام، هذا هو المعنى المصدري، والكلام هو اللفظ، فالكلام الذي تسمعه هو أثر التكلم، وضبط هذا أن يقال الكلام يُدرك بالسمع، ولا يدرك بالبصر، وأنت ترى الإنسان يتحرك فمه لسانه وشفتيه لإخراج الحروف من مخارجها، وتأليف وتركيب الكلمات فالذي تراه بعينك ليس بكلام، وإنما هو تكلم، لأن الكلام لا يُدرك بالبصر، ولو كان الكلام يدرك بالبصر فما احتجنا أن نقول: الكلام هو اللفظ ... واللفظ هو الصوت ... والصوت يدرك بالسمع لا بالبصر، فحينئذ نقول: فرق بين التكلم والكلام، وكذلك التلفظ واللفظ، والتسكين والسكون، فالتسكين هو فعل الفاعل كونك لا تحرك الحرف الأخير فينتج عنه السكون، وهذا فعل الفاعل، وأثره السكون، فحينئذ [فَاجْزِمْ بِتَسْكِينٍ] أي بسكون، والتسكين هذا مصدر فحينئذ نقول: