تقديمه أولى على ما اختص بالفعل، وعلة اختصاص الجر بالاسم دون العكس وهو أن يدخل على الفعل، واختصاص الجزم بالفعل دون دخوله على الاسم؛ لأن الاسم بسيط يعني مدلوله شيء واحد، لأن مدلول الاسم شيء واحد إما ذات كزيد، وإما معنى كعلم، فهو خفيف، والفعل ثقيل لأن مدلوله مركب من الحدث والزمن، والحركة التي هي الكسرة ثقيلة، والسكون الذي هو عدم الحركة خفيف، فطرداً لقاعدة التناسب والتعادل بين الأشياء = أُعطي الخفيفُ الثقيلَ فأعطي الاسم الذي هو خفيف الثقيل الذي هو الكسرة، وأعطي الثقيلُ الخفيفَ فأعطي الفعل الذي هو ثقيل الخفيف الذي هو الجزم وهو عدم الحركة. إذًا ربّع بباب علامات الجزم لأنه مختص بالأفعال، ورتبة الفعل متأخرة عن رتبة الاسم، أيضاً لا يوجد له مرتبة إلا التأخير فتعين حينئذ تأخيره.
[بَابُ عَلاَمَاتِ الجَزْمِ] سيذكر أن للجزم علامتين وهما: السكون والحذف، علامتان لا ثالث لهما، وقد قال: باب علامات الجزم، وعلامات الجزم جمع، فلمَ جمع مع كون الجزم له علامتان فقط، وجوابه: أن الإضافة جنسية فحينئذ تبطل معنى الجمعية، وجوابٌ آخر: أنه من باب إطلاق الجمع على المثنى، فأقل الجمع ثلاثة، قال السيوطي في الكوكب الساطع:
وَفِي أَقَلِّ الجَمْعِ مَذْهَبَانِ ... أَقْوَاهُمَا ثَلاَثَةٌ لاَ اثْنَانِ