منون وغير مجرور بالكسرة، فنقول: أُعطي المشبَّهُ -الذي هو الاسم- حكمَ المشبه به -وهو الفعل- وهذا الحكم أمران: الأول: المنع من الصرف، لأن الفعل لا يدخله التنوين، ولذلك جعل التنوين من علامات الأسماء. الثاني: المنع من الخفض لأن الفعل لا يدخله الخفض، ولذلك جعل من علامات الأسماء، فحينئذٍ نُقل هذا الحكم - وهو عدم قبول الفعل للتنوين والكسر- إلى الاسم فجعل الاسم كالفعل لا يقبل التنوين ولا الكسر، فأخذ الاسم حكم المشبه به وهو الفعل، وهذا الذي يسمى بالممنوع من الصرف. وحينئذٍ يرد السؤال: ما هاتان العلتان الفرعيتان اللتان تكونان في الفعل إحداهما ترجع إلى اللفظ، والأخرى ترجع إلى المعنى؟ قال النحاة: الفعل مشتق من المصدر على مذهب البصريين، كما قال الحريري:
وَالمَصْدَرُ الأَصْلُ وَأَيُّ أَصْلِ ... وَمِنْهُ يَا صَاحِ اشْتِقَاقُ الفِعْلِ
فالمصدر الأصل، والفعل مطلقًا سواء كان ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا مشتق من المصدر فهو فرع، وهذه العلة ترجع إلى اللفظ فهي علة لفظية، لأن ضَرَبَ مشتق من الضرب، فالفعل مشتق من المصدر، والمصدر الذي هو الاسم مشتَق منه، ومعلوم قطعًا أن ما كان مشتقا فرع عما هو مشتق منه، فثبت أن الفعل فرع عن الاسم من حيث اللفظ على مذهب البصريين القائلين بأن الفعل مشتق من المصدر. وأما على مذهب الكوفيين القائلين أن المصدر مشتق من الفعل، فالعلة اللفظية عندهم أن الفعل مركب من شيئين: الحدث،