مثالنا معطوف على اسم مجرور، فهذا فيه خلاف هل هذه الكسرة كسرة المناسبة أو كسرة أحدثها العامل؟ الأصح أنها كسرة المناسبة، لأن تسليط العامل إنما يكون بعد التركيب الإضافي، فلم يسلط العامل أوَّلا ثم رُكِّب تركيبًا إضافيًا، وإنما أضمر المركب الإضافي فهو سابق على العامل فحينئذٍ وجدت الكسرة أولاً ثم سلط عليه عامل يقتضي الكسرة، فأين تظهر والمحل قد شُغِلْ؟ حينئذٍ يتعين أن نقول: هذه كسرةٌ مقدرةٌ. غلامي معطوف على زيد والمعطوف على المجرور مجرور، وجره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة وهو مضاف، والياء: ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. هذا هو الموضع الأول التي تكون الكسرة فيه علامة للخفض.
[وَجَمْعِ تَكْسِيرٍ] أي المجموع المكسر، وهو نوعان: قد يكون مصروفًا، وقد يكون ممنوعًا من الصرف، [إِذَا مَا انْصَرَفَا] هذا قيد عامٌّ للمفرد وجمع التكسير، [فَالخَفْضُ بِالكَسْرِ لِمُفْرَدٍ] [إِذَا مَا انْصَرَفَا] يعني: إذا كان منصرفًا، إذًا نأخذ من هذا أن المفرد قسمان: مصروف، وممنوع من الصرف. والكسرة تكون علامة للخفض في الاسم المفرد المنصرف، والمنصرف مأخوذ من الصرف، والصرف هو التنوين كما قال ابن مالك:
الصَّرْفُ تَنْوِينٌ أَتَى مُبَيِّنَا ... مَعْنىً بِهِ يَكُونُ الاسْمُ أَمْكَنَا
أنواع التنوين التي تكون في الاسم أربعة، أولها وأشهرها وهو الذي إذا أطلق التنوين انصرف إليه: تنوين التمكين، وتنوين