يعني لا يُنطق به، وإنما هو أمر معنوي اعتباري ذهني، وهذا على الصحيح منحصر في اثنين لا ثالث لهما، وثمَّ ثالث فيه نوع نزاع والخلاف فيه قوي. وهما الابتداء، والتجرد، فالابتداء: أمر معنوي، المبتدأ: مرفوع بالابتداء، والابتداء ليس شيئًا يلفظ به، قولك: زيد قائم، مبتدأ به، مفتتح به في الكلام هو الذي صار عاملاً فرَفعَ زيدًا على الابتداء. حينئذٍ نقول: هذا عامل، وهو معنوي. هل نطقت بالابتداء؟ هل للسان فيه حظ؟ الجواب: لا، هذا يسمى عاملاً معنويًا. الثاني: التجرد: وهذا في باب الفعل المضارع:

اِرفَعْ مُضَارِعًا إِذَا يُجَرَّدُ ... عَنْ نَاصِبٍ وَجَازِمٍ كَتَسعَدُ

نحو قولك: يضرب زيد عمرا، فيضرب: فعل مضارع مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة في آخره، ما العامل فيه؟ إذا قلت (لن يقومَ) بالنصب، العامل هو لن، وهو ملفوظ به. (لم يضربْ) بالجزم، والعامل هو لم، وهو ملفوظ به. (يضرب) لم يسبقه لا ناصب ولا جازم، ما العامل؟ تقول: التجرد. والمراد بالتجرد: التعري، كونه لم يسبقه ناصب ولا جازم، وهذا أمر معنوي لأنه غير ملفوظ به، هذا هو الصحيح أن العامل المعنوي قسمان: الابتداء والتجرد فالابتداء في المبتدأ والتجرد في الفعل المضارع إذا لم يسبقه ناصب ولا جازم. وأما جزم المضارع لوقوعه في جواب الطلب فالنزاع فيه قوي. نحو: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} (الأنعام:151) أتل: فعل مضارع مجزوم، والعامل فيه وقوعه في جواب الطلب، وهو أمر معنوي، ولو قال به قائل وثلَّث به لا مانع. وأما العوامل اللفظية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015