فدعي الصلاة وإذا انقطع دمها، وجاء الدم الآخر الناشئ عن عرق يخالف منشأ الحيض فاغتسلي، ثم اغسلي عنك الدم، وتوضئي لكل صلاة وصلي.
وجاءت أم حبيبة بنت جحش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأل نفس السؤال، وأجابها صلى الله عليه وسلم بنفس الجواب، لكنها اشتبهت في أيام الحيض وأيام الاستحاضة، وكأنها لم تستطع أن تميز بين الدمين، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: امكثي كحائضة مدة تساوي مدة حيضتك قبل دم الاستحاضة ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة وصلي.
وبلغ الورع والحرص على النظافة عند النساء المسلمات حدا جعلهن يحافظن على الغسل عند كل صلاة تطوعا وتقربا، وهكذا يضربن المثل الأعلى على طهر الإسلام ونقائه وعلى استجابتهن لأوامره أكمل الاستجابة، وعلى السمع والطاعة لتعاليمه وزيادة، فرضي لله عنهن ورضين عنه، ورضي عن التابعين بإحسان إلى يوم الدين.
-[المباحث العربية]-
(جاءت فاطمة بنت أبي حبيش بن عبد المطلب بن أسد، وهي امرأة منا) "حبيش" بضم الحاء وفتح الباء بعدها ياء ثم شين، وأبو حبيش اسمه قيس بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي. قال النووي: وقع في الأصول "ابن عبد المطلب" واتفق العلماء على أنه وهم، والصواب "ابن المطلب" بحذف "عبد" وأما قوله: "وهي امرأة منا" فمعناه من بني أسد، والقائل هو هشام بن عروة، أو القائل أبوه عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزي. اهـ.
(إني امرأة أستحاض) بضم الهمزة، مبني للمجهول، كما يقال: استحيضت، ولم يبن هذا الفعل للفاعل، قاله العيني، وقال الأبي: وفي بعض الروايات "أستحيض" بالبناء للفاعل، وأصل الكلمة من الحيض، والزوائد للمبالغة، وأصل الحيض السيلان، ويقال: الحيض لغة الدم الخارج، ثم خصه العرف الشرعي بدم خاص، والاستحاضة بدم آخر.
(فلا أطهر) قال القاضي عياض: يحتمل الحقيقة، وأنه لا يفارقها، ويحتمل أنه كناية عن قرب بعضه من بعض. اهـ. قال الحافظ ابن حجر: كانت تفهم أن طهارة الحائض لا تعرف إلا بانقطاع الدم فكنت بعدم الطهر عن اتصاله.
(أفأدع الصلاة؟ ) كانت قد علمت أن الحائض لا تصلي، فظنت أن ذلك الحكم مقترن بجريان الدم من الفرج، فأرادت تحقق ذلك.
(إنما ذلك عرق وليس بالحيضة) "ذلك" بكسر الكاف لخطاب المؤنثة و"عرق" بكسر العين وإسكان الراء، ويقال له: العادل، أي إنما ذلك الدم ناشئ عن عرق خاص، وليس هو الدم المعروف بالحيض، والباء في "بالحيضة" زائدة، داخلة على خبر "ليس" والحيضة يجوز فيها كسر