عبد الله بن عمرو يأمر بأن ينقض النساء ضفائرهن عند الغسل، فغضبت، وقالت: عجبا لابن عمرو، لم يبق إلا أن يأمرهن بحلق شعورهن. ما هذا التشدد الذي ما أنزل الله به من سلطان لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، ولا أزيد على ثلاث حفنات من ماء على رأسي، ولم أكن أنفض شعري، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني بذلك.
-[المباحث العربية]-
(إني امرأة أشد ضفر رأسي) "أشد" بفتح الهمزة، وضم الشين وكسرها من باب نصر أو ضرب، أي أحكم ضفر شعر رأسي، ففي الكلام مضاف محذوف، و"ضفر" بفتح الضاد وإسكان الفاء، هذا هو المشهور المعروف في رواية الحديث، والمستفيض عند المحدثين والفقهاء وغيرهم، ومعناه: أحكم فتل شعر رأسي، وقال الإمام ابن بري في الجزء الذي صنفه في لحن الفقهاء: من ذلك قولهم في حديث أم سلمة: أشد ضفر رأسي، يقولونه بفتح الضاد وإسكان الفاء، وصوابه ضم الضاد والفاء، جمع ضفيرة، كسفينة وسفن، قال النووي: وهذا الذي أنكره -رحمه الله- ليس كما زعمه، بل الصواب جواز الأمرين ولكل منهما معنى صحيح، ولكن يترجح فتح الضاد وسكون الفاء لكونه المروي المسموع في الروايات الثابتة المتصلة. اهـ.
(أفأنقضه لغسل الجنابة؟ ) الهمزة داخلة على محذوف، أي ألا يجزئني غسل الشعر مضفورا فأنقضه لغسل الجنابة؟ والنقض الحل والفك. والفعل "نقض" من باب نصر وضرب.
(إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات) الحثي مصدر حثى يحثى حثيا، وسمع حثا يحثو، وأصل الحثو الإثارة، فثلاث حثيات معناه ثلاث إثارات، والحثيات هنا بمعنى الحفنات، والحفنة ماء الكفين من أي شيء كان.
(ثم تفيضين عليك الماء) بضم التاء، أي تصبين وتسيلين على باقي بدنك الماء.
(فأنقضه للحيضة) بفتح الحاء، وفي الكلام مضاف محذوف، والأصل لغسل الحيضة، والاستفهام مقدر، والنقض ضد الشد والإبرام.
(أن عبد الله بن عمرو) بن العاص.
(أن ينقضن رءوسهن) "أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحرف جر محذوف، وفي الكلام مضاف محذوف، والتقدير: يأمر النساء بنقض شعر رءوسهن إذا اغتسلن غسلا واجبا.
(فقالت: يا عجبا لابن عمرو هذا) "يا" حرف تنبيه، و"عجبا" مفعول مطلق لفعل محذوف.