الإفاضة وهي الصب والإسالة، وثلاثيه "فاض" بمعنى كثر. قال الكرماني: فإن قلت: "الكف" مؤنثة فلم دخلت التاء في رواية "ثلاثة أكف"؟ قلت: المراد من الكف قدر الكف وما فيها، فباعتباره دخلت، أو باعتبار العضو. اهـ. والأحسن أن يقال ما قلناه سابقا: إن الكف يذكر ويؤنث، فيجوز دخول التاء وتركه على الاعتبارين، والمراد أنه يأخذ في كل مرة كفين، لأن الكف اسم جنس، فيجوز حمله على الاثنين، وهو المراد هنا بدلالة قول جبير بن مطعم في رواية البخاري وأبي داود "وأشار بيديه كلتيهما".

(إن أرضنا باردة) أي في الشتاء، وكانت ثقيف تسكن الطائف، وهي مصيف أهل الحجاز، لأن جوها بارد شتاء، معتدل صيفا.

(فكيف بالغسل) الفاء فصيحة في جواب شرط مقدر، أي إذا كانت أرضنا باردة فعلى أي حالة؟ وبكم حفنة نغتسل؟ و"كيف" خبر مقدم، والباء زائدة، و"الغسل" مبتدأ مؤخر.

(فقال له الحسن بن محمد) بن علي بن أبي طالب، الذي يعرف أبوه بابن الحنفية، والحنفية كانت زوج علي بن أبي طالب، تزوجها بعد فاطمة -رضي الله عنها- فولدت له محمدا، فاشتهر بالنسبة إليها.

(إن شعري كثير) وفي رواية البخاري "إني رجل كثير الشعر" أي فأحتاج إلى أكثر من الحفنات الثلاث، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبها على رأسه.

(يا ابن أخي) عبارة تلطف وإشفاق، وليست بينه وبين أبيه أخوة في النسب، لأن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب هاشمي، وجابر بن عبد الله أنصاري، ولعل المراد من الأخوة هنا المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، أو الأخوة في الإسلام.

(كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من شعرك وأطيب) أي وكان يكفيه ثلاث حفنات، وفي رواية البخاري "كان يكفي من هو أوفى منك شعرا، وخير منك" والمراد من الكثرة الطول والغزارة.

-[فقه الحديث]-

ذكرنا قريبا في باب "الصفة الكاملة لغسل الجنابة" في النقطة السابعة من فقه الحديث أن المسنون في الغسل ثلاث مرات، وأن الفرض غسل سائر البدن ونقلنا قول الشافعية: إن استحباب صب الماء على الرأس ثلاثا متفق عليه وألحق به سائر الجسد، قياسا على الرأس وعلى أعضاء الوضوء، وهو أولى بالثلاث من الوضوء، فإن الوضوء مبني على التخفيف لتكراره، فإذا استحب فيه الثلاث فالغسل أولى. قال النووي: ولا نعلم خلافا إلا ما تفرد به الماوردي حيث قال: لا يستحب التكرار في الغسل، وهو شاذ متروك. اهـ. وبما قاله النووي قالت الحنفية والحنابلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015