(إذا كان منها ما يكون من الرجل فلتغتسل) "كان" تامة، والمعنى إذا وجد منها ما يوجد من الرجل من المني نتيجة للاحتلام فلتغتسل.
{والله لا يستحيي من الحق} "لا يستحيي" بياءين، ويقال أيضا: يستحي بياء واحدة في المضارع. اهـ. والحياء تغير وانكسار، يعتري الإنسان من خوف ما يصاب به، أو يذم عليه. وهذا محال على الله. نعم في الحديث نفي الاستحياء لا إثباته، لكن مفهوم نفي الاستحياء من الحق إثبات الاستحياء من غير الحق، ولهذا قال علماء الحديث إن الكلام هنا على غير حقيقته، فيكون جاريا على الاستعارة التمثيلية، فتشبه حالة ترك الحق وما يحيط بتاركه، وما يكون عليه بالاستحياء، فكأنها قالت: إن الله لا يترك الحق، أي لا يمتنع من بيان الحق، فكذا أنا لا أمتنع من سؤالي عما أنا محتاجة إليه، وقيل: معناه. إن الله لا يأمر بالحياء في الحق ولا يبيحه، وإنما قالت ذلك اعتذارا بين يدي سؤالها عما دعت الحاجة إليه مما تستحيي النساء في العادة من السؤال عنه بحضرة الرجال.
(فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ ) الفاء فصيحة في جواب شرط مقدر: أي وإذا كان الحياء من الحق مذموما فهل على المرأة من غسل؟ و "من" زائدة داخلة على المبتدأ في سياق الاستفهام، والاحتلام افتعال من الحلم بضم الحاء وسكون اللام، وهو ما يراه النائم في نومه، يقال: حلم بفتح اللام واحتلم، والمراد أمر خاص من الأحلام، وهو الجماع، وشاع في الإنزال في جماع المنام، فإذا قال الرجل: احتلمت، فالمتبادر أنزلت من لذة منامية، والظاهر أن سؤالها عن الاحتلام بمعنى اللذة الشهوانية في النوم، أنزلت أم لم تنزل، فكان الجواب اشتراط الإنزال ورؤية الماء، يؤيد هذا رواية أحمد، من حديث أم سليم أنها قالت "إذا رأت أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل"؟
(وتحتلم المرأة؟ ) معطوف على محذوف، والاستفهام مقدر، أي أترى المرأة الماء وتحتلم؟ وفي رواية "وهل تحتلم المرأة"؟ وفي رواية "أو تحتلم المرأة"؟
(أف لك) في "أف" عشر لغات، بضم الهمزة مع كسر الفاء، وفتحها وضمها بغير تنوين، وبالتنوين، فهذه ست لغات، والسابعة "إف" بكسر الهمزة وفتح الفاء، والثامنة "أف" بضم الهمزة وإسكان الفاء، والتاسعة "أفي" بضم الهمزة وبالياء، و "أفه" بالهاء، ذكرهن ابن الأنباري وقال أبو البقاء: من كسر بناه على الأصل، ومن فتح طلب التخفيف، ومن ضم أتبع، ومن نون أراد التنكير، ومن لم ينون أراد التعريف، ومن خفف الفاء حذف أحد المثلين تخفيفا. وقال ابن الأنباري في اللغة التاسعة بالياء، كأنه أضافه إلى نفسه. اهـ. والظاهر أنها اسم فعل ماض، أي كرهت وضجرت، وأصل الأف وسخ الأظفار، وهي كلمة تستعمل في الاحتقار والاستقذار والإنكار، قال الباجي: والمراد بها هنا الإنكار.
(تربت يداك وألت) بضم الهمزة وفتح اللام المشددة وإسكان التاء، ومعناها: أصابتها الآلة، بفتح الهمزة وتشديد اللام، وهي الحربة، فكأنها قالت: افتقرت يداك وطعنت.