(يغسل ذكره ويتوضأ) الرواية بالرفع، خبر في معنى النهي، والمراد من الذكر الحشفة وما تلوث منه، من إطلاق الكل وإرادة الجزء، مجازا مرسلا. وقيل: الغسل لكله، وسيأتي توضيح الحكم في فقه الحديث.
(منه الوضوء) خبر مقدم، ومبتدأ مؤخر، أي الوضوء واجب منه.
(أرسلنا المقداد بن الأسود) المرسل علي وبعض الصحابة، فقد روي عن أنس قال: "تذاكر علي والمقداد، وعمار المذي .. " الحديث.
(فسأله عن المذي يخرج من الإنسان) جملة "يخرج" في محل النصب على الحال. وفي الكلام مضاف محذوف، أي عن حكم المذي حالة خروجه من الإنسان.
(كيف يفعل به) "كيف" مفعول به مقدم: وفاعل "يفعل" ضمير يعود على "الإنسان" أي يفعل الإنسان به أي شيء؟
(توضأ وانضح فرجك) بفعل الأمر فيهما، والنضح بكسر الضاد. قال النووي: معناه اغسله، فإن النضح يكون غسلا، ويكون رشا، وقد جاء في الرواية الأخرى "يغسل ذكره" فيتعين حمل النضح عليه. اهـ.
وقد وقع في الرواية الأولى بتقديم الغسل على الوضوء، ووقع في الرواية الثالثة بتقديم الأمر بالوضوء على النضح، والواو لا ترتب، قال الحافظ ابن حجر: فيجوز تقديم الغسل على الوضوء، وهو أولى، ويجوز تقديم الوضوء على الغسل، لكن من يقول بنقض الوضوء بمس الذكر يشترط أن يكون ذلك بحائل. اهـ.
-[فقه الحديث]-
يستفاد من الحديث
1 - أنه لا يجب الغسل بخروج المذي. قال النووي: وقد أجمع العلماء على ذلك.
2 - وأن خروجه ناقض للوضوء، وحكمه حكم البول وغيره مما يخرج من السبيلين. قال أبو عمر: المذي عند جميعهم يوجب الوضوء، ما لم يكن خارجا عن علة وزمانة، فإن كان كذلك فهو أيضا كالبول عند جميعهم فإن كان سلسا لا ينقطع فحكمه حكم سلس البول عند جميعهم أيضا، إلا أن طائفة توجب الوضوء [على من كانت هذه حاله] لكل صلاة، قياسا على المستحاضة عندهم وطائفة تستحبه، ولا توجبه؛ وأما المذي المعهود والمتعارف، وهو الخارج عند ملاعبة الرجل أهله، لما يجرى من اللذة، أو طول عزبة، فهو موضع إجماع، لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه. اهـ.