بنجاسة هذه الدماء مالك. وقال أبو حنيفة: هي طاهرة، ومما تعم به البلوى الدم الباقي على اللحم وعظامه، فيعفى عنه، ولو غلبت حمرة الدم في القدر، لعسر الاحتراز. اهـ.
2 - وأنه يجب غسل النجاسات من الثياب عند إرادة الصلاة فيها.
3 - وأن إزالة النجاسة لا يشترط فيها العدد. قال النووي: واعلم أن الواجب في إزالة النجاسة الإنقاء، فإن كانت النجاسة حكمية -وهي التي لا تشاهد بالعين، كالبول ونحوه- وجب غسلها مرة، ولا تجب الزيادة، ولكن يستحب الغسل ثانية وثالثة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا"، وأما إذا كانت النجاسة عينية كالدم وغيره، فلا بد من إزالة عينها، ويستحب غسلها بعد زوال العين ثانية وثالثة، وهل يشترط عصر الثوب إذا غسله؟ فيه وجهان. الأصح أنه لا يشترط. وإذا غسل النجاسة العينية فبقي لونها لم يضره، بل قد حصلت الطهارة، وإن بقى طعمها فالثوب نجس، فلا بد من إزالة الطعم، وإن بقيت الرائحة ففيه قولان للشافعي: أصحهما يطهر، والثاني لا يطهر. اهـ. وهذا في نجاسة غير الكلب والخنزير، وقد سبق بيان حكمها.
4 - قال الخطابي: فيه دليل على أن النجاسات إنما تزال بالماء، دون غيره من المائعات، قال الحافظ ابن حجر: لأن جميع النجاسات بمثابة الدم، ولا فرق بينه وبينها إجماعا، قال: وتعين الماء لإزالة النجاسة هو قول الجمهور.
وعن أبي حنيفة وأبي يوسف وداود أنه يجوز تطهير النجاسة من الثوب والبدن بكل مائع طاهر [كالبنزين والغاز والخل والكحول] ولا يجوز بدهن ومرق. واحتجوا بحديث عائشة "ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد، تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم الحيض قالت بريقها [أي بلته بريقها، كما جاء في رواية أبي داود] فمصعته بظفرها" أي فركته وحللته بظفرها. رواه البخاري.
قالوا: لو كان الريق لا يطهر لزادت النجاسة باستعماله، وأجيب بأنها ربما فعلت ذلك تحليلا لأثره، ثم غسلته بعد ذلك.
كما استدلوا بحديث مسح النعل، وفرك المني، وحته، وإماطته بإذخرة. ورد بأننا لا نسلم النجاسة حتى نسلم التطهير بالمسح.
وقالوا: إن مجرد الأمر بالماء في بعض النجاسات لا يستلزم الأمر به مطلقا فذكر الماء في حديث الباب خرج مخرج الغالب لا مخرج الشرط، كقوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} [النساء: 23] والمعنى أن الماء أكثر وجودا من غيره، ثم إن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه، ثم إنه مفهوم، ولا يعمل به عندنا؛ ولم يأت دليل يقتضي حصر التطهير في الماء.
ورد عليهم بأن الحديث نص على الماء، فإلحاق غيره به يكون بالقياس وشرطه أن لا ينقص الفرع