5 - وفيه تعيين الماء لإزالة النجاسة عن الأرض المتنجسة، ولا يكفي الجفاف بالريح أو الشمس، لأنه لو كفى ذلك لما حصل التكليف بصب الماء وهو مذهب الشافعي ومالك والحنابلة وزفر، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: هما مطهران، لأنهما يحيلان الشيء.

6 - وفيه أن غسالة النجاسة الواقعة على الأرض طاهرة، لأن البلة الباقية على الأرض غسالة نجاسة، فإذا لم يثبت أن التراب نقل، وعلمنا أن المقصود التطهير، تعين الحكم بطهارة البلة، وإذا كانت طاهرة فالمنفصلة أيضا مثلها، لعدم الفارق.

7 - واستدل به على عدم اشتراط نضوب الماء، لأنه لو اشترط لتوقفت طهارة الأرض على الجفاف، وكذا لا يشترط عصر الثوب، إذا لا فارق.

8 - واستدل به على جواز التمسك بالعموم إلى أن يظهر الخصوص، قال ابن دقيق العيد: والذي يظهر أن التمسك يتحتم عند احتمال التخصيص عند المجتهد، ولا يجب التوقف عن العمل بالعموم لذلك، لأن علماء الأمصار ما برحوا يفتون بما بلغهم، من غير توقف على البحث عن التخصيص، ولهذه القصة لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة، ولم يقل لهم: لم نهيتم الأعرابي؟ بل أمرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة.

9 - وفيه دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما، لقوله صلى الله عليه وسلم "دعوه" قال العلماء: إنما أمروا بتركه يبول في المسجد لمصلحتين:

إحداهما: أنه لو قطع عليه بوله تضرر، وأصل التنجيس قد حصل، فكان احتمال زيادته أولى من إيقاع الضرر به.

والثانية: أن التنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد، فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد.

10 - وفيه المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع، لأمرهم عند فراغه بصب الماء.

11 - وفيه الرفق بالجاهل، وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف، إذا لم يكن ذلك منه عنادا، ولا سيما إذا كان ممن يحتاج إلى استئلافه، يؤخذ ذلك من إنكاره صلى الله عليه وسلم لفعل الصحابة، ودعوة الأعرابي وتبصيره بحرمة المساجد.

12 - وفيه رأفة النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن خلقه.

13 - وفيه صيانة المساجد، وتنزيهها عن الأقذار والقذى؟ قال الحافظ ابن حجر: والحصر في قوله "إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن" مفهومه أنه لا يجوز في المسجد شيء غير ما ذكر، وهذا المفهوم غير معمول به بالإجماع. اهـ.

وذكر النووي وغيره جملة مما يجوز عمله في المسجد وما لا يجوز، نذكر منها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015