رابعها: يطهر بالدباغ كل الجلود إلا جلد الخنزير، وهو مذهب أبي حنيفة.
خامسها: يطهر بالدباغ جميع الجلود حتى الكلب والخنزير، إلا أنه يطهر ظاهره، دون باطنه، فيستعمل في اليابس دون الرطب، ويصلي عليه، لا فيه، وهو مذهب مالك فيما حكي عنه.
سادسها: يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة، والكلب والخنزير، ظاهرا وباطنا، قاله داود وأهل الظاهر، وحكاه الماوردي عن أبي يوسف.
سابعها: ينتفع بجلود الميتة بلا دباغ، ويجوز استعمالها في الرطب واليابس، حكي عن الزهري.
ولكل مذهب أدلته تطلب من مواضعها، ولهذه النقطة باب خاص في آخر كتاب الطهارة إن شاء الله تعالى.
أما ما كان من العين النجسة كالبول والعذرة، فإنه لا يطهر في ذاته، وكل ما نفعله إذا أصاب ثوبا أن نزيله ونحوله عنه، وإذا أصاب ماء أو مائعا أن يكثر الماء أو المائع عليه كثرة تضعف أو تخفي تأثيره، فيصلح الماء أو المائع للاستعمال.
وإزالة النجاسة لا تجوز إلا بالماء عند الشافعية والجمهور، وهو منقول عن مالك ومحمد بن الحسن وزفر وإسحق بن راهويه، وهو أصح الروايتين عن أحمد.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وداود: يجوز إزالة النجاسة من الثوب والبدن بكل مائع يسيل، إذا غسل به ثم عصر، كالخل وماء الورد، ولا يجوز بدهن أو مرق، ولو وقعت نجاسة في ماء فغيرت طعمه أو لونه أو ريحه فهو نجس بالإجماع، سواء كان الماء جاريا أو راكدا كثيرا أو قليلا، تغير تغيرا يسيرا أو فاحشا.
أما إذا لم يتغير الماء بالنجاسة ففيه مذاهب.
فالشافعية: يرون أنه إن كان الماء قلتين فأكثر لم ينجس، وإن كان دون القلتين نجس، والقلتان خمسمائة رطل، أو ما يقرب من خمس قرب.
والحنفية يرون أنه إن كان الماء بحيث لو حرك جانبه تحرك الجانب الآخر نجس، وإلا فلا.
والمالكية: والأوزاعي وسفيان الثوري وداود يرون أن الماء لا ينجس بوقوع النجاسة فيه، إلا إذا تغير، قل الماء أو كثر، قال ابن المنذر: وبهذا المذهب أقول واختاره الغزالي في الإحياء، والروياني في كتابيه "البحر والحلية".
ولو وقعت النجاسة في جامد، كالفأرة تموت في السمن، أخرجت وما حولها، وانتفع بالباقي.
والحديث الذي معنا في النجاسة تقع على الأرض، فالحنفية -كما ذكر العيني- يرون أنه إذا أصابت الأرض نجاسة رطبة كالبول، إن كانت الأرض رخوة صب عليها الماء حتى يتسفل فيها، وإذا لم يبق على وجهها شيء من النجاسة وتسفل الماء يحكم بطهارتها، وإن كانت الأرض صلبة فإن