المسجد. وقال الحافظ ابن حجر: الأقرب أن يقال: إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة، ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها.

واستدلوا كذلك بالترخيص في كلب الصيد والزرع والماشية، واعتبروا الترخيص باقتنائها دليلا على طهارتها. وأجيب بأنه لا منافاة بين الترخيص وبين الحكم بالنجاسة.

وقالوا عن أحاديثنا: إن الأمر بالغسل فيها تعبدي، وليس لنجاسة الكلب [على معنى أنه لم يظهر لنا وجهه، لا أنه لا وجه له، لأن لكل حكم وجها، لأن الأحكام مربوطة بالمصالح، ودرء المفاسد، فما لم تظهر مصلحته ومفسدته اصطلحوا على أن يسموه تعبدا]. ولذا حد بالسبع. ولو كان نجسا كان المطلوب الإنقاء. ورد بأن القول بالتعبد في تشريع الأحكام خلاف الأصل. فالقول به ينقصه الدليل. على أن القول بأن الغسل لإزالة النجاسة ترجحه الرواية الثالثة والرابعة. وفيهما "طهور إناء أحدكم" فالغسل للتطهير. قالوا: المراد من الطهارة في هذا الحديث الطهارة اللغوية. كقوله صلى الله عليه وسلم "السواك مطهرة للفم" ورد هذا القول بأن ألفاظ الشرع إذا دارت بين الحقيقة اللغوية والشرعية حملت على الشرعية إلا إذا قام دليل. فالقول بطهارة الكلب وسؤره محجوج. وأبعد بعضهم فقال: يحل أكله. والعياذ بالله.

ثانيا: أقوال العلماء في تسبيع الغسل، وعلته، والترتيب وحكمته وكيفيته:

وغسل الإناء من ولوغ الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب مذهب الشافعية والحنابلة، بل في رواية عن أحمد الغسل ثمان غسلات، عملا بظاهر رواية ابن المغفل، ومعنى الغسل بالتراب أن يخلط التراب في الماء حتى يتكدر، ولا فرق بين أن يطرح الماء على التراب، أو التراب على الماء، أو يؤخذ الماء الكدر من موضع فيغسل به، فأما مسح موضع النجاسة بالتراب فلا يجزئ، ولا يحصل الغسل بالتراب النجس على الأصح، ولو كانت نجاسة الكلب دمه أو روثه وجب إزالة عين النجاسة مهما زاد عن السبع، ولو زال عينها بست غسلات مثلا قيل: تحسب الست واحدة وقيل: تحسب ستا، ولو غمس الإناء في بحر، ومكث فيه قدر سبع غسلات جاز. وفي قيام هذا مقام التراب خلاف، وفي قيام الصابون ونحوه مقام التراب خلاف، والأصح عدم قيامه، لأنه كان ميسورا يوم أمر بالتراب. مما يحمل على أن للشرع في تحديد التراب حكمة. وقد ذكر بعض الأطباء الثقات في عصرنا وجود جراثيم في الكلب يقضي عليها التراب، وقيل: لأنه يحقق اجتماع طهرين: الماء والتراب.

وقد جاء في الروايات الأربع "سبع مرات" وفي رواية لمسلم "أولاهن بالتراب" وفي رواية للبزار "إحداهن" وفي رواية "السابعة بالتراب" وفي رواية "أخراهن أو أولاهن بالتراب" وفي روايتنا الخامسة "وعفروه الثامنة بالتراب".

قال النووي في الجمع بينها: وقد روى البيهقي وغيره هذه الروايات كلها، وفيها دليل على أن التقييد بالأولى وبغيرها ليس على الاشتراط، بل المراد إحداهن، وأما رواية "وعفروه الثامنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015