واحتج من قال بعدم التوقيت بما روي عن أبي بن عمارة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله. أمسح على الخف؟ قال: نعم. قلت: يوما؟ قال: ويومين. قلت: وثلاثة؟ قال: نعم وما شئت.

وروي "وما بدالك" وروي "حتى بلغ سبعا. قال: نعم وما بدا لك" وبحديث إبراهيم النخعي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت قال: "جعل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، ولو استزدناه لزادنا" يعني المسح على الخفين للمسافر وبحديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ أحدكم، ولبس خفيه فليصل فيهما، وليمسح عليهما، ثم لا يخلعها إن شاء إلا من جنابة" وبحديث عقبة بن عامر قال: خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة فدخلت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: متى أولجت خفيك في رجليك؟ قلت: يوم الجمعة واليوم يوم الجمعة، ثمان. قال: أصبت السنة. رواه البيهقي وغيره، وعن ابن عمر أنه كان لا يوقت في الخفين وقتا. قالوا: ولأنه مسح بالماء، فلم يتوقت كالمسح على الجبيرة.

واحتج القائلون بالتوقيت بالحديث الثاني عشر السابق الذكر، وبأحاديث كثيرة في التوقيت، منها: ما رواه الشافعي في مسنده والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ومنها: ما رواه أبو بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسح على الخفين. فقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة، وهو حديث حسن. قال البيهقي والترمذي: قال البخاري: هو حديث حسن. ومنها ما رواه خزيمة بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين: للمسافر ثلاث، وللمقيم يوم (حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح) ومنها حديث عوف بن مالك الأشجعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في غزوة تبوك بالمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر. وللمقيم يوم وليلة. قال البيهقي: قال الترمذي: قال البخاري: هذا الحديث حسن.

وأجابوا عن أدلة الفريق المخالف بأن حديث أبي بن عمارة ضعيف بالاتفاق، ولو صح لكان محمولا على جواز المسح أبدا بشرط مراعاة التوقيت لأنه إنما سأل عن جواز المسح، لا عن توقيته، وبأن حديث خزيمة في عدم التوقيت، وقوله "ولو استزدناه لزادنا" ضعيف بالاتفاق، وكذا حديث أنس وما روي عن ابن عمر، وقيل: إنهما رجعا عن رأيهما إلى التوقيت.

واشترط العلماء أن يكون السفر طويلا، وهو السفر الذي تقصر فيه الصلاة، وهو ثمانية وأربعون ميلا، وأن لا يكون السفر في معصية، فإن كان لمعصية كقطع الطريق أو قصد الفاحشة أو لشهادة الزور لم يجز أن يمسح ثلاثة أيام بلا خلاف، قال القاضي عياض وسائر أصحاب الشافعي: إنه لا يستبيح بسفر المعصية شيئا من رخص السفر من القصر والفطر، والمسح ثلاثا، والجمع والتنفل على الراحلة، وترك الجمعة، وأكل الميتة.

والخلاف بين العلماء في جواز المسح يوما وليلة للمسافر في معصية، فقيل: لا يجوز تغليظا عليه، والمشهور القطع بالجواز، لأن ذلك جائز بلا سفر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015