الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين" وليس فيه دليل على جواز المسح على النعلين. ولا خلاف بين العلماء في عدم جواز المسح على النعلين وحدهما، إنما الخلاف في المسح عليهما مع الجوربين.

واختلفت صفة الجورب باختلاف اصطلاح أهل الجهات العربية الأولى فبعضهم يطلقه على ما يصنع من قطن أو كتان أو صوف على هيئة الخف ويلبس بديله في البيوت أو في الأماكن النظيفة، التي يقل المشي فيها، وبعضهم يطلقه على خف يلبس فوق الخف إلى الكعب للبرد، ولصيانة الخف الأسفل من الدرن والغسالة، وبعضهم يطلقه على ما يلبسه أهل البلاد الشامية الشديدة البرد، وهو يتخذ من غزل الصوف المفتول يلبس في القدم إلى ما فوق الكعب. وهو بهذا المعنى الأخير هو المستعمل في أكثر بلاد العالم، ويصنع من أنسجة مختلفة وهو الذي سنبني عليه الحكم الفقهي، فقد ذهبت الحنفية وأحمد وإسحاق والثوري، وابن المبارك إلى جواز المسح على الجوربين سواء أكانا مجلدين [أي موضوع في أسفلهما جلد] أم منعلين [أي ملبوسين داخل نعلين] أم ثخينين [والثخين ما يثبت على الساق من غير ربط، ويمكن تتابع المشي عليه، ولا يرى ما تحته] وذهبت المالكية إلى جواز المسح عليهما بشرط أن يكونا مجلدين من أعلاهما وأسفلهما.

واختلفت أقوال الشافعية، فبعضهم اشترط كونه مجلدا أو منعلا، وبعضهم اشترط كونه صفيقا، يمكن متابعة المشي فيه. قال النووي: والصواب ما ذكره جماعات من المحققين أنه إن أمكن متابعة المشي فيه جاز كيف كان، وإلا فلا. اهـ.

قال أبو داود: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وابن مسعود والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وعمر بن الخطاب، وابن عباس -رضي الله عنهم. اهـ.

أما الأثر المروي عن علي بن أبي طالب، فقد أخرجه البيهقي عن كعب بن عبد الله قال: رأيت عليا بال، فمسح على جوربيه ونعليه، ثم قام يصلي، وأما أثر ابن مسعود فرواه عبد الرزاق عن إبراهيم أن ابن مسعود كان يمسح على خفيه وعلى جوربيه، وأما أثر البراء بن عازب فرواه عبد الرزاق أيضا عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال: رأيت البراء بن عازب يمسح على جوربيه ونعليه، وأثر عمر رواه ابن أبي شيبة أن عمر توضأ ومسح على جوربيه ونعليه.

وهكذا نجد آثار المسح على الجوربين غير قوية، وكلها تقريبا تجمع بين الجوربين والنعلين، ولو قيل: إن العمدة في جواز المسح على الجوربين القياس على الخفين، إذ لا يوجد فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه لكان أولى من الاستدلال بهذه الآثار. والله أعلم.

وأما الجرموق فهو خف كبير يلبس فوق الخف، والمسح عليه جائز عند أبي حنيفة وأحمد، بشرط صلاحيته للمسح، ولبسه قبل المسح على الخف وقبل الحدث، وعند المالكية يصح المسح على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015