يختص بأعضاء الوضوء، وبهذا قيل، لكن قوله في نهاية الحديث "حتى يخرج نقيا من الذنوب" ظاهر في تكفير عموم ذنوب بقية الأعضاء، وعلى القول الأول يختص التكفير بفعل الواجبات، فقد جاء في الموطأ "تخرج عند المضمضة من فمه، وعند الاستنشاق من أنفه، وعند غسل الوجه كل خطيئة نظر إليها بعينه، حتى تخرج من تحت أشفار جفنه، وعند غسل اليدين تخرج من تحت أظفار يديه، وفي رأسه تخرج من أذنيه، وفي رجليه حتى تخرج من تحت أظفارها".

ولعل هذه الرواية تجيب عما يثور في النفس من التساؤل عن عدم ذكر الرأس، وعن تخصيصه العين من بين أعضاء الوجه كالفم والأنف، ولعل تخصيص العين بالذكر لأن خيانتها أكثر، فإذا خرج الأكثر خرج الأقل، فالعين كالغاية لما يعفى، وقيل: لأن العين طليعة القلب فإذا ذكرت أغنت من غيرها.

ولا يخفى أن المراد من الخطايا هنا الصغائر.

-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-

1 - مدى احتياط الرواة في أداء ما تحملوه من الحديث، بذكر العبارتين المتردد بينهما، وإن كانتا متقاربتين في المعنى.

2 - فيه دليل على أن واجب الرجلين في الوضوء الغسل، لا المسح.

3 - يؤخذ من الحديث أن كل عضو يطهر بانفراده، لأن خروج الخطايا منه فرع طهارته في نفسه.

4 - أخذ منه بعضهم ترك الوضوء بالماء المستعمل، فإنه ماء قد حمل الذنوب، وهو عند أبي حنيفة نجس، وعند الشافعية طاهر في نفسه غير مطهر لغيره، وعند المالكية فيه أقوال أربعة:

الأول الطهورية لكن يستحب تركه مع وجود غيره. الثاني عدم الطهورية، الثالث الكراهة. الرابع مشكوك فيه يجمع بينه وبين التيمم.

والله أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015