(ما لم يأت كبيرة) بفتح الياء، كذا هو مضبوط في النسخة التي بين أيدينا من شرح النووي، وفي كثير من النسخ "يؤت كبيرة" بضم الياء وكسر التاء من "آتي" الرباعي، و"كبيرة" بالنصب، وتحمل هذه الرواية على معنى: ما لم يأت بكبيرة، ففي اللسان عن الجوهري. آتاه: أتى به، ومنه قوله تعالى {آتنا غذاءنا} [الكهف: 62] أي ائتنا به. اهـ. كأن فاعل الكبيرة يعطيها من نفسه.

وفي نسخة شرح الأبي والسنوسي "ما لم تؤت كبيرة" بالتاء الأولى مضمومة والثانية مفتوحة، مبنيا للمجهول و"كبيرة" بالرفع نائب فاعل، و"ما" على الروايتين مصدرية زمانية أي مدة عدم الإتيان بكبيرة، وليس المعنى أن ترك الكبيرة شرط في محو الصغائر بالوضوء والصلاة، وإنما المعنى أن بالوضوء والصلاة يغفر ما تقدم إلا أن يكون فيما تقدم كبيرة، فإنها لا تغفر بالوضوء والصلاة، أي إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تكن الذنوب كبيرة.

(وذلك الدهر كله) "الدهر" ظرف متعلق بمحذوف خبر، والإشارة لإحسان الوضوء والخشوع والركوع والتكفير، أي وذلك الفعل والتكفير مستمر ومستقر الدهر كله، أي زمن الحياة كله.

(إن ناسا يتحدثون) أصل "ناس" أناس، حذفت الهمزة تخفيفا، وحذفها كاللازم مع لام التعريف، لا يكاد يقال: الأناس. وهو من أسماء الجمع.

(لا أدري ما هي)؟ أي ما حقيقتها ومدى صحتها؟ .

(وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة) النافلة ما يفعل مما لم يجب، والمقصود أن صلاته ومشيه إلى المسجد لها ثواب زائد على غفران الذنب.

(أن عثمان توضأ بالمقاعد) بفتح الميم، قيل: هي دكاكين عند دار عثمان بن عفان وقيل درج، وقيل: موضع بقرب المسجد اتخذه للقعود فيه لقضاء حوائج الناس والوضوء ونحو ذلك.

(كنت أضع لعثمان طهوره) أي أعد وأحضر لعثمان ماء وضوئه.

(فما أتى عليه يوم إلا وهو يفيض عليه نطفة) المستثنى منه عموم الأحوال و"يفيض" بضم الياء من أفاض الماء على نفسه بمعنى أفرغه، والنطفة بضم النون الماء القليل، والمعنى: ما أتى عليه يوم وهو في حال من الأحوال إلا في إفراغ الماء على نفسه، ومراده من هذه العبارة وصف عثمان بالمحافظة على الطهر والنظافة، وفهم منها بعضهم ملازمته للاغتسال وإن قل ماؤهم، رغبة في تحصيل الثواب، لكن المقام يبعد الغسل، ويفيد فقط الحرص على النظافة وإسباغ الوضوء.

(ما أدري أحدثكم بشيء أو أسكت)؟ قال بعضهم: تردد صلى الله عليه وسلم في تحديثهم هذا الحديث، هل فيه مصلحة الآن أو لا مصلحة فيه الآن خوف الاتكال؟ ثم رأى أن المصلحة في تحديثهم، فحدثهم. هكذا قال، لكن لما كان التردد منه صلى الله عليه وسلم في مثل هذا غير مستحسن كان أولى أن يقال: إنه ليس بتردد، إنما هو أسلوب يقصد به تنشيط المخاطبين، وإثارة انتباههم، وإشعارهم بعظيم ما سيلقى إليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015