-[المباحث العربية]-
(الطهور شطر الإيمان) بضم الطاء وفتحها وقيل: الضم اسم للفعل، والفتح اسم لما يتطهر به، والمراد من الطهور التطهر، أي رفع الحدث الأكبر أو الأصغر، والشطر في الأصل النصف، وقيل: الجزء من قولهم: أشطار الناقة أي أجزاؤها، والإيمان بمعناه الاصطلاحي: التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وقيل: المراد من الإيمان هنا الصلاة، باعتبارها مظهرا من مظاهره؛ فيكون من قبيل ما قيل في تفسير قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} [البقرة: 143] وسيأتي مزيد إيضاح لهذا في فقه الحديث.
(والحمد لله تملأ الميزان) المراد من الميزان ميزان الأعمال يوم القيامة، ومعنى أن الحمد يملأ الميزان: أن ذاكرها يمتلئ ميزانه بالثواب، وقيل إن الأعمال نفسها والذكر نفسه يتجسم يوم القيامة، فيكون له ثقل وحجم يملأ الميزان.
(وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو تملأ- ما بين السموات والأرض) "سبحان" اسم منصوب، على أنه واقع موقع المصدر لفعل محذوف، تقديره: سبحت الله سبحانا. ومعناه تنزيه الله عما لا يليق به من كل نقص، فيلزم منه نفي الشريك والصاحبة والولد وجميع الرذائل، ويطلق التسبيح ويراد به جميع ألفاظ الذكر، ويطلق ويراد به صلاة النافلة، والمراد منه هنا الأول، لقرنه بالحمد لله. وأما قوله "تملآن أو تملأ" قد ضبطه النووي بالتاء، فالأول " تملآن" أي الجملتان، والثاني "تملأ" أي الجملة بما فيها المعطوف والمعطوف عليه، وصحح صاحب التحرير فيهما التذكير "يملآن أو يملأ" بالياء بدل التاء، أما الأول فعلى إرادة النوعين من الكلام، أو الذكرين، وأما الثاني فعلى إرادة الذكر، والمعنى أنه لو قدر ثوابهما جسما لملأ ما بين السموات والأرض.
(والصلاة نور) أي كالنور، يستضاء بها ويهتدي في ظلمات المعاصي، وقيل غير ذلك مما سيأتي في فقه الحديث.
(والصدقة برهان) أي حجة ودليل على إيمان صاحبها، وقيل غير ذلك.
(والصبر ضياء) "الصبر" الإمساك في ضيق، وحبس النفس على المكروه، وعقد اللسان عن الشكوى، والمكابدة في التحمل وانتظار الفرج، وتختلف معانيه بتعلقاته، فإن كان عن مصيبة سمي صبرا، وإن كان في لقاء عدو سمي شجاعة، وإن كان عن كلام سمي كتمانا، وإن كان عن تعاطي ما نهي عنه سمي عفة، ومعنى أنه ضياء أنه محمود، لا يزال صاحبه مستضيئا به مهتديا مستمرا على الصواب.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لا فرق بين النور والضياء إلا في اللفظ، لكن التحقيق أن الضياء هو الحاصل في الشيء من مقابلته المضيء بذاته، فالذي نراه على الأرض منبسطا من مقابلتها