لا تقدر على إرضاعه، إذ لا غذاء هناك ولا لبن، وأما الحمل الذي لم ينفخ فيه الروح فإنه إذا سقط لم يجيء، لأن ذلك يوم الإعادة، فمن لم يمت في الدنيا لم يجيء يوم القيامة. اهـ.
وظاهر الرواية الرابعة أن نصيب أهل الجنة من كل ألف واحد، وهذا يعارض ما جاء في حديث أبي هريرة "من كل مائة تسعة وتسعين" وقد طعن بعضهم في حديث أبي هريرة لمعارضته الروايات الكثيرة المتفقة على هذا العدد [من كل ألف واحد] وأجاب الكرماني بأن مفهوم العدد لا اعتبار له، فالتخصيص بعدد لا يدل على نفي الزائد، والمقصود من العددين واحد، وهو تقليل عدد المؤمنين، وتكثير عدد الكافرين.
وأجاب الحافظ ابن حجر بحمل حديث أبي سعيد وما وافقه على جميع ذرية آدم، فيكون من كل ألف واحد، وحمل حديث أبي هريرة على من عدا يأجوج ومأجوج، فيكون من كل ألف عشرة، قال: ويقرب ذلك أن يأجوج ومأجوج ذكروا في حديث أبي سعيد دون حديث أبي هريرة ثم قال: ويحتمل أن يكون المراد ببعث النار الكفار ومن يدخلها من العصاة، فيكون من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كافرا، ومن كل مائة تسعة وتسعون عاصيا. والعلم عند الله تعالى. اهـ.
هذا فيما يخص نسبة أهل النار لأهل الجنة، أما نسبة أهل الجنة من المسلمين لغيرهم فهم الشطر أو يزيد، مع مراعاة أن المقصود بأهل الجنة في أمتنا وفي الأمم السابقة من كان مصيرهم الجنة، سواء عذبوا أو لم يعذبوا. والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 - مشروعية الحمد والتكبير عند الفرح والسرور، وعند استعظام الأمور.
2 - وهول الأعداد الموجهة إلى النار بالنسبة للناجين.
3 - إن زلزلة الساعة لشيء عظيم.
4 - وفي قوله: "لا يدخل إلا نفس مسلمة" نص صريح في أن من مات على الكفر لا يدخل الجنة أصلا، وهذا النص على عمومه بإجماع المسلمين.
5 - وحرص آدم على رعاية الأدب مع ربه، حيث نسب الخير إلى الله بقوله "والخير في يديك" مع أن الشر أيضا بتقدير الله، وفي ذلك استعطاف عظيم يناسب المقام.
6 - وشفقة النبي صلى الله عليه وسلم وحرصه على أمته ورجاؤه الخير الوفير لها في الآخرة.
7 - وإدخاله السرور على أمته وتبشيره لها بفضل الله عليها، وإسباغه النعمة لها بستر تقصيرها في دنياها، وإدخالها الجنة في أخراها بمنه وكرمه جل شأنه.
نسأله جلت قدرته، وعظمت رحمته أن يشملنا بعنايته وتوفيقه، وأن يعفو عن التقصير، وأن يقبل منا هذا الجهد الذي قصدنا به وجهه الكريم.